للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحُسَيْن بن عَليّ عَلَيْهِمَا السَّلَام

لما عزوم عَليّ الْخُرُوج إِلَى الْعرَاق قَامَ خَطِيبًا فَقَالَ: الْحَمد لله، وَمَا شَاءَ الله، وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه، وَصلى الله على رَسُوله وَسلم. خطّ الْمَوْت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة. وَمَا أولهني إِلَى أسلافي! اشتياقي كاشتياق يَعْقُوب إِلَى يُوسُف، وخيرٌ لي مصرعٌ أَنا لاقيه. كَأَنِّي بأوصالي تتقطعها عسلا الفلوات بَين النواويس وكربلاء، فيملالأن مني أكراشاً جوفاً وأجريةً سغباً. لَا محيص عَن يومٍ خطّ بالقلم، رضَا الله رضانا أهل الْبَيْت. نصبر على بلائه، ويوفينا أجور الصابرين، لن تشذ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لحْمَته؛ هِيَ مَجْمُوعَة لَهُ فِي حَظِيرَة الْقُدس، تقر بهم عينه، وينجز لَهُم وعده. من كَانَ باذلاً فِينَا مهجته، وموطناً على لقائنا نَفسه فليرحل، فَإِنِّي راحلٌ مصبحاً إِن شَاءَ الله. ةخطب عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: أَيهَا النَّاس. نافسوا فِي المكارم، وسارعوا فِي الْمَغَانِم، وَلَا تحتسبوا بمروف لم تعجلوه، واكتسبوا الْحَمد بالنجح، وَلَا تكتسبوا بالمطل مَا، فمهما يكن لأحدٍ عِنْد أحدٍ صنيعةٌ لَهُ رأى أَنه لَا يقوم بشكرا فَالله لَهُ بمكافأته، فَإِنَّهُ أجزل عَطاء، وَأعظم أجرا، وَاعْلَمُوا أَن حوائج النَّاس إِلِّكُمْ من نعم الله عَلَيْكُم، فَلَا تملوا النعم، فتحور نقما، وَاعْلَمُوا أَن الْمَعْرُوف يكْسب حمدا ويكسب أجرا، فَلَو رَأَيْتُمْ الْمَعْرُوف رجلا رَأَيْتُمُوهُ حسنا جميلاً يسر الناظرين، ويفوق الْعَالمين، وَلَو رَأَيْتُمْ اللؤم رجلا رَأَيْتُمُوهُ سمجاً مشوهاً تنفر مِنْهُ الْقُلُوب، وتغش دونه الْأَبْصَار. أَيهَا النَّاس. من جاد سَاد، وَمن بخل رذل. وَإِن أَجود النَّاس من

<<  <  ج: ص:  >  >>