للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ لجندب: كَيفَ تصنع إِذا أَتَاك مثل الوتد أَو مثل الذونون، قد أُوتِيَ الْقُرْآن من قبل أَن يُؤْتى الْإِيمَان يَنْثُرهُ نثر الدقل، فَيَقُول: اتبعني وَلَا أتبعك. قَالَ: إِنَّمَا تهلكون إِذا لم يعرف لذِي الشيب شَيْبه، وَإِذا صرتم تمشون الركبات كأنكم يعاقيب حجل، لَا تعرفُون مَعْرُوفا وَلَا تنكرون مُنْكرا.

خَالِد بن الْوَلِيد

لما ولاه أَبُو بكر وعزله عمر قَالَ: إِن أَبَا بكر ولدنَا فرق لنا رقة الْوَالِد، وَإِن عمر ولدناه فعقنا عقوق الْوَلَد. وَقَالَ فِي مَرضه: لقد لقِيت كَذَا وَكَذَا زحفاً، وَمَا فِي جَسَدِي مَوضِع شبر إِلَّا وَفِيه ضَرْبَة أَو طعنة أَو رمية، ثمَّ هاأنذا أَمُوت على فِرَاشِي حتف أنفي كَمَا يَمُوت العير، فَلَا نَامَتْ أعين الْجُبَنَاء! وخطب النَّاس فَقَالَ: إِن عمر استعملني على الشَّام وَهُوَ لَهُ مُهِمّ، فَلَمَّا ألْقى الشَّام بوانيه وَصَارَ بثنية وَعَسَلًا عزلني، وَاسْتعْمل غَيْرِي. فَقَالَ رجل: هَذَا وَالله هُوَ الْفِتْنَة. قَالَ خَالِد: أما وَابْن الْخطاب حَيّ فَلَا، وَلَكِن ذَاك إِذا كَانَ النَّاس بِذِي بلّيّ وَذي بلّي. وَانْصَرف عَمْرو بن الْعَاصِ من الْحَبَشَة يُرِيد سَوَّلَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَقِيَهُ خَالِد وَهُوَ مقبل من مَكَّة، فَقَالَ: أَيْن يَا أَبَا سُلَيْمَان؟ فَقَالَ: وَالله لقد استقام المنسم، وَإِن الرجل لنَبِيّ. أذهب فَأسلم. وَكَانَ بَينه وَبَين عبد الرَّحْمَن كَلَام، فَقَالَ خَالِد: أتستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بهَا؟ . وَقَالَ: كَانَ بيني وَبَين عمار بعض مَا يكون بَين النَّاس، فعدمته، فَشَكَانِي إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: من يبغض عماراً يبغضه الله. وَلما بُويِعَ أَبُو بكر قَامَ خَالِد بن الْوَلِيد خَطِيبًا، فَقَالَ: إِنَّا رمينَا فِي بَدْء هَذَا الْأَمر بِأَمْر ثقل علينا حمله، وصعب علينا مرتقاه، ثمَّ مَا لبثنا أَن خفّ علينا

<<  <  ج: ص:  >  >>