للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَاب السَّادِس نَوَادِر أبي العيناء ومخاطباته

حمله بعض الوزراء على دابةٍ، فانتظر عَلفهَا، فَلَمَّا أَبْطَأَ عَلَيْهِ قَالَ: أَيهَا الْوَزير هَذِه الدَّابَّة حَملتنِي عَلَيْهِ أَو حَملته عَليّ. قَالَ لَهُ المتَوَكل يَوْمًا: إِلَى كم تمدح النَّاس وتذمهم؟ فَقَالَ: مَا أَحْسنُوا وأساءوا؛ فقد رَضِي الله عَن عبدٍ فمدحه؛ فَقَالَ: " نعم العَبْد إِنَّه أوابٌ " وَغَضب على آخر فزناه. قَالَ: وَيلك أيزني الله أحدا؟ قَالَ: نعم. قَالَ الله تَعَالَى: " عتلٍّ بعد ذَلِك زنيم "، والزنيم: الدخيل فِي الْقَوْم وَلَيْسَ مِنْهُم. وَقَالَ أَبُو العيناء: قَالَ لي المتَوَكل يَوْمًا: هَل رَأَيْت طالبياً قطّ. حسن الْوَجْه؟ قلت: نعم، رَأَيْت بِبَغْدَاد مُنْذُ ثَلَاثِينَ سنة وَاحِدًا، قَالَ: تَجدهُ كَانَ يُؤَاجر وَكنت أَنْت تقود عَلَيْهِ. فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، قد بلغ هَذَا من فراغي، أدع الموَالِي مَعَ كثرتهم وأقود على الغرباء. فَقَالَ المتَوَكل لِلْفَتْحِ: أرت أَن أشتفي مِنْهُم فاشتفى لَهُم مني. قَالَ: وَقَالَ لي يَوْمًا: لَا تكْثر الوقيعة فِي النَّاس. فَقلت: إِن لي فِي بَصرِي شغلاً عَن ذَلِك. فَقَالَ: ذَاك أَشد لحقدك على أهل الْعَافِيَة. وَقَالَ لَهُ يَوْمًا المتَوَكل: إِن سعيد بن عبد الْملك يضْحك مِنْك، فَقَالَ: " إِن الَّذين أجرموا كَانُوا من الَّذين آمنُوا يَضْحَكُونَ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>