الْبَاب الرَّابِع كَلَام جمَاعَة من بني أُميَّة
قَالَ سعيد بن الْعَاصِ: لَا تمازح الشريف؛ فيحقد عَلَيْك، وَلَا الدنيء فيجترئ عَلَيْك. وَدخل عَمْرو بن سعيد إِلَى مُعَاوِيَة فَقَالَ لَهُ: إِلَى من أوصى بك أَبوك؟ قَالَ: إِن أبي أوصى إِلَيّ، وَلم يوص بِي. قَالَ: فَبِأَي شيءٍ أَوْصَاك؟ قَالَ: أَوْصَانِي أَلا يفقد إخوانه مِنْهُ إِلَّا وَجهه. فَقَالَ مُعَاوِيَة لأَصْحَابه: إِن ابْن سعيدٍ هَذَا لأشدق. قَالَ عنبة بن أبي سُفْيَان لمعلم وَلَده: ليكن أول إصلاحك لوَلَدي إصْلَاح نَفسك؛ فَإِن عيونهم معقودةٌ بِعَيْنِك؛ فالحسن عِنْدهم مَا استحسنته، والقبيح مَا استقبحته؛ علمهمْ كتاب الله، وروهم من الحَدِيث أشرفه، وَمن الشّعْر أعفه، وَلَا تكرههم على علمٍ فيملوه، وَلَا تَدعهُمْ فيهجروه، وَلَا تخرجهم من علمٍ إِلَى علمٍ حَتَّى يتقنوه فَإِن ازدحام الْعلم فِي السّمع مضلة للفهم؛ وعلمهم سير الْحُكَمَاء، وهددهم بِي، وأدبهم دوني وَلَا تتكل على عذرٍ مني؛ فَإِنِّي اتكلت على كفايةٍ مِنْك. أطْعم أَبُو سُفْيَان النَّاس فِي حجَّة الْوَدَاع، فقصر طَعَامه، فاستعان برَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - فأعانه بِأَلف شَاة؛ فَقَالَ أَبُو سُفْيَان: بِأبي أَنْت وَأمي؛ لقد حاربناك فَمَا أجبناك، وسألناك فَمَا أبخلناك. قَالَ سعيد بن الْعَاصِ؛ موطنان لَا أعذر من العي فيهمَا: إِذا سَأَلت حَاجَة لنَفْسي، وَإِذا أكلمت جَاهِلا. وَكَانَ سعيد بن الْعَاصِ والياً على الْمَدِينَة من قبل مُعَاوِيَة، وَكَانَ مُعَاوِيَة يُعَاقب بَينه وَبَين مَرْوَان فِي ولايتها، وَكَانَ يغرى بَينهمَا؛ فَكتب إِلَى سعيد: أَن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute