للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لما جئ إِلَيْهِ بِأَمَان وصيف وبغا من بَغْدَاد على دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالهمْ وَأَجَازَ ذَلِك، وَقع بِخَطِّهِ بَين الأسطر: خلا مَا فِيهَا من حق لمُسلم أَو معاهد.

الْمُهْتَدي

كَانَ يَقُول: لَو لم يكن الزّهْد فِي الدُّنْيَا، والإيثار للحق، مِمَّا لطف الله تَعَالَى لي فيهمَا، ووققني لَهما، وَإِنِّي لأرجو بذلك الْفَوْز يَوْم الْقِيَامَة، لتصنعت بِمَا أَفعلهُ للنَّاس، لِئَلَّا يكون مثل عمر بن عبد الْعَزِيز فِي خلفاء بني أُميَّة، وَلَا يكون فِي خلفاء بني هَاشم بعدهمْ مثله، وهم من رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - أقرب. قَالَ بَعضهم: سمعته يَوْمًا يَقُول لعيسى بن فرخانشاه: عاون على الْخَيْر تسلم، وَلَا تجزه فتندم. فَقيل لَهُ: إِن هَذَا بَيت شعرٍ. قَالَ: مَا تَعَمّدت ذَلِك، وَلَكِنِّي رويت قَول الشَّاعِر: تعاون على الْخيرَات تظفر، وَلَا تكن ... على الْإِثْم والعدوان مِمَّن يعاون وَجلسَ يَوْمًا للمظالم، فَرفع إِلَيْهِ فِي الكسور، فَسَأَلَ الْكتاب عَنْهَا، فَأخْبر بهَا، فَقَالَ: معَاذ الله أَن ألزم النَّاس ظلما تقدم الْعَمَل بِهِ أَو تَأَخّر. أسقطوا هَذَا الظُّلم، وَهَذِه الكسور على النَّاس، فَقَامَ الْحسن بِمَ مخلد. فَقَالَ: إِن أسقط أَمِير الْمُؤمنِينَ هَذَا ذهب من مَال السُّلْطَان فِي السّنة اثْنَا عشر ألف ألف دِرْهَم - وَمد بهَا صَوته - فَقَالَ لَهُ الْمُهْتَدي: قد عرفت مذهبك فِي هَذَا، وتحريضك الموَالِي بِمَا ينقص من أمالهم، وَمَا أمتنع من أَن أقيم حَقًا لله، وأزيل مظْلمَة قد تقدّمت بهَا الْأَيَّام، وَلَو كَانَ فِي ذَلِك كل حيف على بيُوت الْأَمْوَال، وَلَو نظر الموَالِي أَمرك، وَأمر نظرائك لأخذوا مِنْك مَا خوفتهم أَن يذهب مِقْدَاره من أَمْوَالهم. فارتعد الحسم وأبلس، ثمَّ كلم الْمُهْتَدي بعد ذَلِك فِيهِ فترجع إِلَيْهِ. وتظلم إِلَيْهِ رجل من بعض أَسبَابه، فَأحْضرهُ، وَحكم عَلَيْهِ بِمَا صَحَّ عِنْده، فَقَامَ الرجل وشكر، وَقَالَ: أَنْت وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ كَمَا قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>