الْبَاب التَّاسِع كَلَام السحن الْبَصْرِيّ
كَانَ الحجاجُ يقولُ: أخطبُ النَّاس صاحبُ الْعِمَامَة السوداءِ بَين أخصَاص الْبَصْرَة، إِذا شَاءَ تكلمَ، وَإِذا شاءَ سكت يَعْنِي الْحسن كتب إليْه عُمر بنُ عبد الْعَزِيز: أَن أَعنِي بِبَعْض أَصْحَابك. فَكتب إِلَيْهِ الحسنُ: أما بعد. فَإِنَّهُ مَن كَانَ من أَصْحَابِي يُرِيد الدُّنْيَا فَلَا حَاجَة لَك فِيهِ، ومَن كَانَ يُرِيد الْآخِرَة فَلَا حَاجَة لَهُ فِيمَا قَبَلك، وَلَكِن عَلَيْك بذوي الْإِحْسَان فَإِنَّهُم إِن لم يتقوا استحيُوا، وَإِن لم يستحيُوا تكرموا. وَقَالَ: كن فِي الدُّنْيَا كالغريب الَّذِي لَا يجزعُ من ذُلِّها وَلَا يُشَارك أَهلهَا فِي عزِّها. للنَّاس حالٌ وَله حالٌ أُخْرَى، قد أهمته نَفسه، وَعلم لما بعْد الْمَوْت، فَالنَّاس مِنْهُ فِي عَاقِبَة، ونفْسهُ مِنْهُ فِي شُغل. ذكرُوا أَنه سمع رَجلاً يقُولُ: أهْلَك اللهُ الفُجَّارَ فَقَالَ: إِذن نَسْوحِشُ فِي الطُّرق. قَالَ أَعْرَابِي المحسن: علِّمني دينا وسُوطا، لَا ذَاهِبًا شطُوطاً، وَلَا هابطاً هبوطاً. فَقَالَ الحسنُ: لَئِن قُلت ذَلِك، إِن خيرَ الْأُمُور لأوْساطُها. وَقَالَ لهُ رجلٌ: إِنِّي أكرَهُ الْمَوْت. قَالَ: ذَاك أَنَّك أخرت مَالك وَلَو مقدمتهُ لسرك أَن تلْحق بِهِ. وَقَالَ: اقدّعُوا هَذِه النُّفوسَ فَإِنَّهَا طُلعةٌ، واعْصُوها فإنكُمْ إِن أطعتموها تنزِع
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute