فَكتب إِلَيْهِ ابْن الزبير قد وصل إِلَيْنَا المَال، فوصل أَمِير الْمُؤمنِينَ رحما. فَقَالَ مُعَاوِيَة ليزِيد: قد ربحنا على ابْن الزبير فِي المخالي عشرَة آلَاف.
نصح أبي بكرَة لِأَخِيهِ زِيَاد
اسْتَأْذن زِيَاد مُعَاوِيَة فِي الْحَج فَأذن لَهُ وَبلغ ذَلِك أَبَا بكرَة وَكَانَ أَخَاهُ من أمةٍ اسْمهَا سميَّة وَكَانَ حلف أَلا يكلم زياداً حَيْثُ رَجَعَ عَن الشَّهَادَة على الْمُغيرَة وَألا يظله وإياه سقف بَيت أبدا. فَدخل أَبُو بكرَة دَار الْإِمَارَة على زِيَاد، فَأمر زِيَاد بكرسيين فوضعا فِي صحن الْقصر ليمينه، فَجَلَسَ أَبُو بكرَة على أَحدهمَا وَزِيَاد على الآخر وَمَعَ زِيَاد بني لَهُ حَيْثُ مَشى. فَقَالَ أَبُو بكرَة لِابْنِهِ: تعال يَا بن أخي. فجَاء الصَّبِي فَجَلَسَ فِي حجره فَقَالَ لَهُ: كَيفَ أَنْت؟ كَيفَ أهلك؟ اسْمَع مني يَا بن أخي - وَإِنَّمَا يُريدَان أَن يسمع ٤٠٤ زياداً - إِن أَبَاك هَذَا أَحمَق، قد فجر فِي الْإِسْلَام ثَلَاث فجرات مَا سمعنَا بمثلهن؛ أما أولَاهُنَّ فجحوده الشَّهَادَة على الْمُغيرَة، وَالله يعلم أَنه قد رأى مَا رَأينَا فكتم، وَقد قَالَ الله: " وَمن يكتمها فَإِنَّهُ آثم قلبه ". فَحَلَفت أَلا ُأكَلِّمهُ أبدا؛ وَأما الْأُخْرَى فانتفاوه من عبيد، وادعاؤه إِلَى أبي سُفْيَان، وَأقسم لَك بِاللَّه - يَا بن أخي - صدقا مَا رأى أَبُو سُفْيَان سميَّة قطّ فِي ليل وَلَا نَهَار، وَلَا فِي جَاهِلِيَّة وَلَا إِسْلَام؛ وَأما الثَّالِثَة فأعظمهن. إِنَّه يُرِيد أَن يوافي الْعَام الْمَوْسِم، وَأم حَبِيبَة بنت أبي سُفْيَان زوج النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام تَأتي الْمَوْسِم كل عَام، فَإِن هُوَ أَتَاهَا فَأَذنت لَهُ كَمَا تَأذن الْأُخْت لأَخِيهَا فأعظم بهَا مُصِيبَة على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم! وَإِن هِيَ حَجَبته وتسترت مِنْهُ فأعظم بهَا حجَّة عَلَيْهِ ثمَّ نَهَضَ. فَقَامَ زِيَاد فِي إثره وَأخذ بِقَمِيصِهِ وَقَالَ: جَزَاك الله من أَخ خيرا، فَمَا تركت النَّصِيحَة لأخيك على حَال. وَترك الْحَج. اسْتعْمل عمر الْمُغيرَة بن شُعْبَة على الْبَحْرين ثمَّ عَزله، فَقَالَ دهقان الْقرْيَة لأَهْلهَا - وَكَانَ مُطَاعًا فيهم: اجْمَعُوا لي مائَة ألف دِرْهَم آتِي بهَا عمر فَفَعَلُوا، فَقَالَ عمر: مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذَا أودعناه الْمُغيرَة. فَقَالَ عمر للْمُغِيرَة: مَا هَذَا؟ قَالَ: إِنَّهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute