للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِائَتَا ألف دِرْهَم. فَقَالَ للدهقان: قد تسمع. فَقَالَ: وَالله مَا أودعنا شَيْئا، إِلَّا أننا خفنا أَن ترده إِلَيْنَا. فَقَالَ عمر للْمُغِيرَة: مَا دعَاك إِلَيّ مَا قلت؟ قَالَ: أَحْبَبْت أَن أخزيه إِذْ كذب عَليّ. كَانَ سعد الْقرظ زنجياً عبدا لعمَّار بن يَاسر، وَكَانَ على نَخْلَة يجتبي مِنْهَا فَسمع الزنج يَتَكَلَّمُونَ فِيمَا بَينهم فَأذن، فَاجْتمع إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَصْحَابه فَقَالَ: مَا حملك على الْأَذَان؟ فَقَالَ: خفت عَلَيْك فَأَذنت ليجتمع إِلَيْك أَصْحَابك. فَأمره بعد ذَلِك بِالْأَذَانِ فَكَانَ مُؤذنًا. قَالَ عَبَّاس بن سهل السَّاعِدِيّ: لما ولي عُثْمَان بن حَيَّان المري الْمَدِينَة عرض ذَات يَوْم بِذكر الْفِتْنَة، فَقَالَ لَهُ بعض جُلَسَائِهِ: عَبَّاس بن سهل كَانَ شيعَة لِابْنِ الزبير وَكَانَ قد وَجهه فِي جَيش إِلَى الْمَدِينَة. قَالَ: فتغيظ عَليّ، وآلى ليقتلنني. فبلغني ذَلِك فتواريت عَنهُ حَتَّى طَال عَليّ ذَلِك، فَلَقِيت بعض جُلَسَائِهِ، فشكوت ذَلِك إِلَيْهِ، وَقلت لَهُ: قد آمنني أَمِير الْمُؤمنِينَ عبد الْملك. فَقَالَ لي: مَا يخْطر ذكرك إِلَّا تغيظ عَلَيْك وأوعدك، وَهُوَ ينبسط للحوائج على طَعَامه، فتنكر وأحضر طَعَامه ثمَّ كَلمه بِمَا تُرِيدُ. فَفعلت، فَأتى بِجَفْنَة ضخمة فِيهَا ثردة عَلَيْهَا اللَّحْم. فَقلت: لكَأَنِّي أنظر إِلَى جَفْنَة حَيَّان بن معبد وتكاوس النَّاس على بباحته. ووصفت لَهُ باحته فَجعل يَقُول: أرأيته؟ فَقلت: لعمري كَأَنِّي أنظر إِلَيْهِ حِين تخرج علينا وَعَلِيهِ مطرف خَز يجر هدبه يتعلقه حسك السعدان مَا يكفه عَنهُ، ثمَّ يُؤْتِي بِجَفْنَة، فَكَأَنِّي أنظر إِلَى النَّاس يتكاوسون عَلَيْهَا؛ مِنْهُم الْقَائِم وَمِنْهُم الْقَاعِد. قَالَ: وَمن أَنْت رَحِمك الله قلت: آمني آمنك الله. قَالَ: قد آمنتك، قلت: أَنا عَبَّاس بن سهل الْأنْصَارِيّ. قَالَ: فمرحباً بك وَأهلا، أهل الشّرف وَالْحق. قَالَ عَبَّاس: فرأيتني وَمَا بِالْمَدِينَةِ رجل أوجه عِنْده مني. قَالَ: فَقَالَ بعض الْقَوْم بعد ذَلِك: يَا عَبَّاس؛ أَأَنْت رَأَيْت حَيَّان بن معبد يتكاوس النَّاس على جفنته. فَقلت: وَالله لقد رَأَيْته ونزلنا باحته فَأَتَانَا فِي رحالنا وَعَلِيهِ عباءة قطوانية، فَجعلت أذوده بِالسَّوْطِ عَن رحالنا خيفة أَن يسرقنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>