للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَاب الْخَامِس: كَلَام عمر بن عبد الْعَزِيز

كتب إِلَيْهِ أَبُو بكر بن حزم - وَهُوَ وَالِي الْمَدِينَة من جِهَته؛ إِن الْأَمِير يقطع لي من الشمع والقراطيس مَا كَانَ يقطع لعمال الْمَدِينَة، فَكتب إِلَيْهِ: جَاءَنِي كتابك وَإِن عهدي بك تخرج من بَيْتك فِي اللَّيْلَة الظلماء بِغَيْر سراج. وَأما الْقَرَاطِيس فأدق الْقَلَم، وأوجز الْإِمْلَاء، واجمع الْحَوَائِج فِي صحيفَة. وَذكر لَهُ سُلَيْمَان بن عبد الْملك يزِيد بن أبي مُسلم بالعفة عَن الدِّرْهَم وَالدِّينَار، وهم بِأَن يستكفيه مهما من أمره. فَقَالَ لَهُ عمر: أَفلا أدلك على من هُوَ أزهد فِي الدِّرْهَم وَالدِّينَار مِنْهُ وَهُوَ شَرّ الْخلق؟ قَالَ: بلَى. قَالَ: إِبْلِيس لَعنه الله. وَكَانَ يَقُول: أَيهَا النَّاس إِنَّمَا خلقْتُمْ لِلْأَبَد، وَإِنَّمَا تنقلون من دَار إِلَى دَار. وخطب فَقَالَ: أَيهَا النَّاس، إِنَّكُم لم تخلقوا عَبَثا، وَلنْ تتركوا سدى، وَإِن لكم معاداً ينزل الله للْحكم فِيكُم، والفصل بَيْنكُم، فخاب وخسر من خرج من رَحْمَة الله الَّتِي وسعت كل شَيْء، وَحرم الْجنَّة الَّتِي عرضهَا السَّمَاوَات وَالْأَرْض. وَاعْلَمُوا أَن الْأمان غَدا لمن خَافَ، وَبَاعَ قَلِيلا بِكَثِير، وفانياً بباق، أَلا ترَوْنَ أَنكُمْ فِي أسلاب الهالكين؟ وسيخلفها من بعدكم الْبَاقُونَ، حَتَّى تردوا إِلَى خير الْوَارِثين.

<<  <  ج: ص:  >  >>