للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رأى، فَإِن الْعَمَل ثمَّ أَكثر، فَخرجت، فَلَمَّا قربت مِنْهَا إِذا جمَاعَة من الْجند قد ظفروا بِقوم يقطعون الطَّرِيق قد كتب صَاحب الْبَرِيد بخبرهم، وَكَانُوا عشرَة، فَأَعْطَاهُمْ وَاحِد من الْعشْرَة مَالا على أَن يطلقوه، فأطلقوه، وأخذوني مَكَانَهُ، وَأخذُوا جملي، فسألتهم بِاللَّه، وعرفتهم خبري، فَأَبَوا، وحبسوني مَعَهم، فَمَاتَ بَعضهم وَأطلق بَعضهم، وَبقيت وحدي. فَقَالَ الْمُعْتَمد: أحضروني خَمْسمِائَة دِينَار، فَجَاءُوا بهَا، فَقَالَ: ادفعوها إِلَيْهِ. فَأَخذهَا، وأجرى لَهُ ثَلَاثِينَ دِينَارا فِي كل شهر، وَقَالَ: اجعلوا إِلَيْهِ أَمر جمالنا. ثمَّ أقبل علينا، فَقَالَ: رَأَيْت السَّاعَة النَّبِي - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - فِي النّوم، فَقَالَ: يَا أَحْمد وَجه السَّاعَة إِلَى الْحَبْس، فَأخْرج منصوراً الْجمال فَإِنَّهُ مظلوم، وَأحسن إِلَيْهِ، فَفعلت مَا رَأَيْتُمْ، ونام.

[المعتضد]

حدث الْعَلَاء بن صاعد قَالَ: لما حمل رَأس صَاحب الْبَصْرَة ركب المعتضد فِي جَيش لم ير مثله، فاشتق أسواق بَغْدَاد، وَالرَّأْس بَين يَدَيْهِ، فَلَمَّا صرنا بِبَاب الطاق صَاح قوم من درب من تِلْكَ الدروب: رحم الله مُعَاوِيَة، وَزَاد حَتَّى علت أَصْوَاتهم، فَتغير وَجهه وَقَالَ: أما تسمع يَا أَبَا عِيسَى؟ مَا أعجب هَذَا مَا ذكر مُعَاوِيَة فِي هَذَا الْأَمر؟ وَالله لقد بلغ أبي الْمَوْت، وَمَا أفلت أَنا مِنْهُ إِلَّا بعد مشارفته، ولقينا كل جهد وبلاء، حَتَّى أرحناهم من عدوهم، وحصنا حرمهم وَأَمْوَالهمْ. تركُوا أَن يترحموا على الْعَبَّاس، أَو عبد الله بن الْعَبَّاس، أَو من ولد من الْخُلَفَاء، وَتركُوا الترحم على أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ، وَحَمْزَة وجعفر وَالْحسن وَالْحُسَيْن، وَالله لَا بَرحت أَو أُؤْثِر فِي تَأْدِيب هَؤُلَاءِ أثرا لَا يعاودون بعده مثله.

<<  <  ج: ص:  >  >>