للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَاب السَّادِس وَالْعشْرُونَ اتفاقات عَجِيبَة فِي الْجد والهزل

قَالَ حمّاد بن الزبْرِقَان: حفظت مَا لم يحفظ أحد، ونسيت مَا لم ينس أحد. كنت لَا أحفظ الْقُرْآن، فأنفت أَن أجيء بِمن يعلّمني، فحفظته من الْمُصحف فِي شهر وَاحِد. ثمَّ قبضت يَوْمًا على لحيتي لأقص مَا فضل عَن قبضتي فنسيت أَنِّي أحتاج أَن أقصّ مَا دون القبضة فقصصت أَعْلَاهَا، فَاحْتَجت أَن أَجْلِس فِي الْبَيْت سنة إِلَى أَن اسْتَوَت. حدّث أَبُو عَاصِم النَّبِيل بِحَدِيث فَقَالَ: حَدثنِي أَبُو بكر ابْني عني. وَكَانَ الابْن كتبه عَنهُ ونسيه الْأَب فذكّره. وَفِي ضد ذَلِك، مَا حَكَاهُ الصاحب رَحمَه الله عَن بَعضهم، قَالَ: كَانَ يَقُول: حَدثنِي ابْني عني كَأَنَّهُ أعلم بِهِ مني، على معنى قَوْلهم: " كمعلمة أمّها البضاع ". قَالَ بَعضهم: من طرائف المحبان أَنِّي بت لَيْلَة عِنْد قوم، وحركتني الطبيعة فِي بعض اللَّيْل، وَلم أعرف مَوضِع الْخَلَاء، فَوَقَعت على بَيت فِيهِ مهد، وَفِيه صبي نَائِم وَلَيْسَ عِنْده أحد، فعمدت إِلَى الصَّبِي فَأَخْرَجته من المهد، وَجَعَلته فِي حجري، وجمعت عَلَيْهِ ذيلي، وحوّلت استي على المهد وخريت فِيهِ، وَقمت أرد الصَّبِي، فَإِذا بِهِ قد وضع فِي حجري أَضْعَاف مَا خريت فِي مهده، فَبَقيت متحيّراً فِي محنة، مَا أعلم أَن أحدا دُفع إِلَى مثلهَا. وَحكي أَنه فعل مثل ذَلِك إِنْسَان آخر ببستوقة فِيهَا صحناة، فِي دَار رجل كَانَ قد أَضَافَهُ، وَأَنه قدّم إِلَيْهِ ذَلِك فِي طَعَامه من غَد. قَالَ عبد الْملك بن عمر اللَّيْثِيّ: دخلت على عبد الْملك بن مَرْوَان وَهُوَ جَالس فِي بهو على سَرِير، وَقد وضع بَين يَدَيْهِ رَأس مُصعب بن الزبير. فَلَمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>