وَرُوِيَ عَن أبي الْأسود قَالَ: أنفذني عُثْمَان بن حنيف مَعَ عمرَان بن حُصَيْن إِلَى عَائِشَة فَقُلْنَا: يَا أم الْمُؤمنِينَ، أَخْبِرِينَا عَن مسيرك هَذَا أَعهد عَهده رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ أم رَأْي رَأَيْته؟ قَالَت: بل رَأْي رَأَيْته حِين قتل عُثْمَان إِنَّا نقمنا عَلَيْهِ ضَرْبَة السَّوْط. وموقع السحابة المحمية، وإمرة سعيد والوليد فعدوتم عَلَيْهِ فاستحللتم مِنْهُ الْحرم الثَّلَاث، حُرْمَة الْبَلَد، وَحُرْمَة الْخلَافَة، وَحُرْمَة الشَّهْر الْحَرَام، بعد أَن مصناه كَمَا يماص الْإِنَاء فاستتبناه، فركبتم مِنْهُ هَذِه ظالمين. أغضبنا لكم من سَوط عُثْمَان وَلَا نغضب لعُثْمَان من سيفكم؟ قلت: مَا أَنْت وسيفنا وسوط عُثْمَان؟ وَأَنت حبيس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ. أَمرك أَن تقري فِي بَيْتك، فَجئْت تضربين النَّاس بَعْضًا بِبَعْض. قَالَت: وَهل أحد يقاتلني أَو يَقُول غير هَذَا؟ قلت: نعم. قَالَت: وَمن يفعل ذَلِك؟ أزنيم بن عَامر؟ هَل أَنْت مبلغ عني يَا عمرَان؟ قَالَ: لَا لست مبلغا عَنْك خيرا وَلَا شرا، قلت: لكني مبلغ عَنْك. هَات مَا شِئْت. قَالَت: اللَّهُمَّ اقْتُل مذمماً قصاصا بعثمان، وارم الأشتر بِسَهْم من سهامك لَا يشوى، وَأدْركَ عماراً بحفرته فِي عُثْمَان. وَرُوِيَ أَنَّهَا كَانَت تَقول: لَا تَطْلُبُوا مَا عِنْد الله من عِنْد غير الله بِمَا يسْخط الله. وَكَانَت تَقول: لله در التَّقْوَى، مَا تركت لذِي غيظ شِفَاء. وَقَالَت يَوْم الْحكمَيْنِ: رَحِمك الله يَا أَبَت، فلئن أَقَامُوا الدُّنْيَا فَلَقَد أَقمت الدّين وهى شعبه، وتفاقم صدعه، ورجفت جوانبه، وانقبضت عَمَّا إِلَيْهِ أصغوا، وشمرت فِيمَا عَنهُ ونوا، واستصغرت من دنياك مَا أعظموا، ورغبت بِدينِك عَمَّا أغفلوا؛ أطالوا عنان الْأَمْن واقتعدت مطي الحذر، فَلم تهضم دينك، وَلم تنس غدك، ففاز عِنْد المساهمة قدحك، وخف مِمَّا استوزروا ظهرك.
قَوْلهَا لما قتل عُثْمَان
وَرُوِيَ أَنه لما قتل عُثْمَان قَالَت: أقتل أَمِير الْمُؤمنِينَ؟ قَالُوا: نعم، قَالَت: فرحمه الله وَغفر لَهُ. أما وَالله لقد كُنْتُم إِلَى تسديد الْحق وتأييده، وإعزاز الْإِسْلَام وتأكيده، أحْوج مِنْكُم إِلَى مَا نهضتم إِلَيْهِ، من طَاعَة من خَالف عَلَيْهِ، وَلَكِن كلما