للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضبيون، فَقَالُوا: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، إِنَّه قطع صاحبنا ظلما، وَهَذَا كِتَابه إِلَيْك. فَقَرَأَ الْكتاب وَقَالَ: أما الْقود من عمالي فَلَا سَبِيل إِلَيْهِ. وَلَكِن إِن شِئْتُم وديت صَاحبكُم. فوداه من بَيت المَال وعزل عبد الله عَن الْبَصْرَة.

الْإِمَارَة وَلَو على الْحِجَارَة

قدم ابْن عَم لكاتب الْحجَّاج عَلَيْهِ وَسَأَلَهُ أَن يشْغلهُ، فكره الْكَاتِب ذَلِك لسطوة الْحجَّاج، فَلَمَّا فرغ من بِنَاء مَسْجِد وَاسِط أَمر الْكَاتِب أَن يكْتب إِلَى صَاحب الْموصل فِي حمل حَصى رضراضٍ لفرشه، فَكتب الْكتاب، وأنفذ ابْن عَمه فتسلم الْحَصَى، فَلَمَّا حصل فِي الزوارق قَالَ لِلْعَامِلِ: لَيْسَ من الْحَصَى الَّذِي أَرَادَهُ الْأَمِير. قَالَ: وَكَيف هُوَ؟ قَالَ: أمرت أَلا أقبل حَصَاة أكبر من الْأُخْرَى، وَلَا مَا فِيهِ عوج. فَكبر ذَلِك عَلَيْهِ، وَكره سطوة الْحجَّاج فَعرض عَلَيْهِ عشرَة آلَاف دِرْهَم رشوة، فَأبى، فَلم يزل يزِيدهُ إِلَى أَن أعطَاهُ مائَة ألف دِرْهَم، فقبلها وَانْحَدَرَ. فَلَمَّا وافى أخبر ابْن عَمه بذلك، فَقَالَ: حبذا الْإِمَارَة وَلَو على الْحِجَارَة. وَبلغ الْخَبَر الْحجَّاج فَضَحِك وَأَعْجَبهُ فعله، وَأمر لَهُ بِخَمْسِينَ ألف دِرْهَم وولاه عملا جَلِيلًا. قتل رجل نَصْرَانِيّا، فَعرض على أَخِيه الدِّيَة فَلم يقبلهَا، وَكَانَ الرجل صديقا لبشر المريسي، فَقَالَ بشر لِلنَّصْرَانِيِّ: إِن لم تقم شَاهِدين عَدْلَيْنِ يَشْهَدَانِ أَن أَخَاك لم يزل يُؤَدِّي الْجِزْيَة إِلَى أَن مَاتَ لم تجب لَك الدِّيَة. فَانْقَطع وطل دَمه. وَمن نَوَادِر الْأَعْمَش أَن أَبَا جَعْفَر الْمَنْصُور وَجه ببدرة، وَأمر بِأَن تدفع إِلَى أفقه أهل الْكُوفَة، فَأتى بهَا أَبُو حنيفَة وَابْن أبي ليلى فَلم يعرضا لَهَا وأتى الْأَعْمَش فَقَالَ للرسول: هَاتِهَا. فَقَالَ: حجتك. قَالَ: تسْأَل أَبَا حنيفَة وَابْن أبي ليلى عَن أفقه ٣٩٨ أهل الْكُوفَة بعدهمَا فَإِنَّهُمَا يدلانك عَليّ، فتجيز شَهَادَتهمَا لي وتبطلها لأنفسهما فَأتى الرجل الْمَنْصُور فَأخْبرهُ فَقَالَ: صدق. حكى عَن الزُّهْرِيّ أَنه قَالَ: قدم مُعَاوِيَة الْمَدِينَة، فَدخل الْمَسْجِد وَسعد بن أبي وَقاص جَالس إِلَى ركن الْمِنْبَر فَصَعدَ مُعَاوِيَة الْمِنْبَر فَجَلَسَ فِي مجْلِس النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ لَهُ سعد: يَا مُعَاوِيَة؛ أجهلت فنعلمك، أم جننت فنداويك؟ فَقَالَ: يَا أَبَا إِسْحَاق؛ إِنِّي قدمت على قوم على غير تأهب لَهُم، وَأَنا باعث إِلَيْهِم بأعطياتهم

<<  <  ج: ص:  >  >>