للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَكَانَ يغري بَينهَا وَبَين الجلساء، فَجَاءَت يَوْمًا فَقَعَدت بِلَا إِذن فَقَالَ لَهَا خَفِيف السَّمرقَنْدِي الْحَاجِب: أتجلسين بَين يَدي أَمِير الْمُؤمنِينَ، وَلم يَأْذَن لَك؟ فَقَالَت: أَنْت جَار ذَلِك وحاجبه، كَانَ يجب أَن تعرفنِي مَا أعمل قبل دخولي إِذْ لم تكن لي عَادَة بِمثلِهِ. ثمَّ قَامَت. فتغافل المعتضد عَنْهَا فَقَالَت: يَا سيداه؛ أقيام إِلَى الْأَبَد، فَمَتَى يَنْقَضِي الأمد؟ فَضَحِك وأمرها بِالْجُلُوسِ. قَالُوا: طَاف عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس بِالْبَيْتِ، وَهُنَاكَ عَجُوز قديمَة وَعلي قد فرع النَّاس كَأَنَّهُ رَاكب وَالنَّاس مشَاة. فَقَالَت: من هَذَا الَّذِي قد فرع النَّاس؟ فَقيل: عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس، فَقَالَت: لَا إِلَه إِلَّا الله إِن النَّاس ليرذلون. عهدي بِالْعَبَّاسِ يطوف بِهَذَا الْبَيْت كَأَنَّهُ فسطاط أَبيض وَيُقَال: إِنَّه كَانَ عَليّ إِلَى منْكب أَبِيه عبد الله ٣٧٠. وَكَانَ عبد الله إِلَى منْكب أَبِيه الْعَبَّاس وَكَانَ الْعَبَّاس إِلَى منْكب أَبِيه عبد الْمطلب. قَالَت هِنْد بنت عتبَة لأبي سُفْيَان بن حَرْب لما رَجَعَ مُسلما من عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ إِلَى مَكَّة فِي لَيْلَة الْفَتْح فصاح: يَا معشر قُرَيْش، أَلا إِنِّي قد أسلمت، فأسلموا، فَإِن مُحَمَّدًا قد أَتَاكُم بِمَا لَا قبل لكم بِهِ. فَأخذت هِنْد رَأسه وَقَالَت: بئس طَلِيعَة الْقَوْم. وَالله مَا خدشت خدشاً. يَا أهل مَكَّة. عَلَيْكُم الحميت الدسم فَاقْتُلُوهُ. وَقَالَت هِنْد: إِنَّمَا النِّسَاء أغلال، فليختر الرجل غلا ليده. وَذكرت هِنْد بنت الْمُهلب النِّسَاء فَقَالَت: مَا زين بِشَيْء كأدب بارع تَحْتَهُ لب ظَاهر. وَقَالَت أَيْضا: إِذا رَأَيْتُمْ النعم مستدرة فبادروا بالشكر قبل حُلُول الزَّوَال.

ليلى الأخيلية وَالْحجاج

قدمت ليلى الأخيلية على الْحجَّاج ومدحته. فَقَالَ: يَا غُلَام؛ أعْطهَا خَمْسمِائَة، فَقَالَت: أَيهَا الْأَمِير، اجْعَلْهَا أدماً. فَقَالَ قَائِل: إِنَّمَا أَمر لَك بشاء. قَالَت: الْأَمِير أكْرم من ذَاك. فَجَعلهَا إبِلا إِنَاثًا استحياء. وَإِنَّمَا كَانَ أَمر لَهَا بشاء أَولا.

<<  <  ج: ص:  >  >>