فِي رِسَالَة كسْرَى إِلَى الهرمزان: اما بعد: فَإِنَّهُ لَو كَانَ الْمُلُوك يعْرفُونَ من حَاجتهم إِلَى ذَوي الرَّأْي مثل الَّذِي يعرف أهل الرَّأْي من حَاجتهم إِلَى الْمُلُوك لم يكن عجبا أَن ترى مواكب الْمُلُوك على أَبْوَاب الْعلمَاء، كَمَا ترى مواكب الْعلمَاء على أَبْوَاب الْمُلُوك، وَلذَلِك قَالَ الْأَولونَ:" إِذا أَرَادَ الله بِأمة خيرا جعل المُلك فِي عُلَمَائهمْ وَالْعلم فِي مُلُوكهمْ ". قَالَ كسْرَى: أَنا على مَا لم أقل أقدر مني على رد مَا قد قلته. وَقَالَ: اجْتِمَاع المَال عِنْد الأسخياء أحد الحصبين واجتماعه عِنْد البخلاء أحد الجدبين. وَقَالَ: من عمل عمل أَبِيه كفي نصف التَّعَب. قَالَ بزرجمهر: التذلل للغلبة فِي حينها خير من الظفر فِي غير حِينه. نظر ملك مِنْهُم يَوْمًا إِلَى مُلكه فأعجبه فَقَالَ: إِن هَذَا لمُلك إِن لم يكن بعده هلك! وَإنَّهُ لسرور لَوْلَا أَنه غرور، وَإنَّهُ يَوْم لَو كَانَ يوثق لَهُ بغد. قيل لبزرجمهر: هَل تعرف نعْمَة لَا يحْسد صَاحبهَا عَلَيْهَا؟ قَالَ: نعم، التَّوَاضُع. قيل: فَهَل تعرف بلَاء لَا يرحم صَاحبه؟ قَالَ: نعم، العُجب. وَقَالَ: مَا أحسن الصَّبْر لَوْلَا أَن النَّفَقَة عَلَيْهِ من الْعُمر. قَالَ لَهُ أنوشروان: مَتى يكون العي فصيحاً؟ قَالَ: إِذا وصف حبيباً. قَالَ بَعضهم: الصدْق زين إِلَّا أَن يكون سِعَايَة، فَإِن السَّاعِي أَخبث مَا يكون إِذا صدق.