للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أم سَلمَة أم الْمُؤمنِينَ

فِي حَدِيث أم سَلمَة أَنَّهَا أَتَت عَائِشَة لما أَرَادَت الْخُرُوج إِلَى الْبَصْرَة فَقَالَت لَهَا: إِنَّك سدة بَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَأمته، وحجابك مَضْرُوب على حرمته، وَقد جمع الْقُرْآن ذيلك فَلَا تندحيه وَسكن عقيراك فَلَا تصحريها. الله من وَرَاء هَذِه الْأمة، لَو أَرَادَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ أَن يعْهَد إِلَيْك عهدا. علت علت بل قد نهاك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الفرطة فِي الْبِلَاد؛ إِن عَمُود الْإِسْلَام لَا يُثَاب بِالنسَاء إِن مَال، وَلَا يرأب بِهن أَن صدع، حماديات النِّسَاء غض الْأَطْرَاف وخفر الْأَعْرَاض، وَقصر الوهازة. مَا كنت قائلة لَو أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ عارضك بعض الفلوات ناصة قلوصاً من منهل إِلَى آخر أَن يعين الله مهواك، وعَلى رَسُوله تردين قد وجهت سدافته. - ويروى سجافته - وَتركت عهيداه. لَو سرت مسيرك هَذَا ثمَّ قيل: ادخلي الفردوس لاستحييت أَن ألْقى مُحَمَّدًا، هاتكة حِجَابا قد ضربه عَليّ. اجعلي حصنك بَيْتك، ووقاعة السّتْر قبرك، حَتَّى تلقيه وَأَنت على تِلْكَ أطوع مَا تكونين لله مَا لَزِمته، وأنصر مَا تكونين للدّين مَا جَلَست عَنهُ، لَو ذكرتك قولا تعرفينه نهسته نهش الرقشاء المطرقة. فَقَالَت عَائِشَة: مَا أقبلني لوعظك! وَلَيْسَ الْأَمر كَمَا تظنين، ولنعم الْمسير مسير فزعت فِيهِ إِلَيّ فئتان متناجزتان - أَو متناحرتان - إِن أقعد فَفِي غير حرج، وَإِن أخرج فَإلَى مَا لَا بُد من الازدياد مِنْهُ. قَوْلهَا: قد جمع الْقُرْآن ذيلك فَلَا تندحيه أَي لَا توسعيه بالحركة وَالْخُرُوج يُقَال: ندحت الشَّيْء: إِذا وسعته. وَمِنْه يُقَال: أَنا فِي مندوحة عَن كَذَا. أَي فِي سَعَة. وَمن رَوَاهُ فَلَا تبدحيه فَإِنَّهُ من البداح وَهُوَ المتسع من الأَرْض وعقيراك: من عقر الدَّار.

<<  <  ج: ص:  >  >>