للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَاب السَّادِس الْكبر المستحسن والمستقبح

قَالَ أَبُو عُثْمَان: من الْكبر المستحسن قَول وَكِيع بن أبي سود لعدي بن أَرْطَاة حِين قَالَ: سو عليّ ثوبي فَقَالَ لَهُ: أذكرتني ضيق خفّي، أَيهَا الْأَمِير، خُذ خفّي، فَضَحِك عدي وَقَالَ: يَا أَبَا مطرف، إِن الجليس ليلِي من جليسه أَكثر من هَذَا. فَقَالَ: إِذا عُزلت فكلفنا مَا أَحْبَبْت، ثمَّ ركب الْحسن الْبَصْرِيّ فَأخذ وَكِيع - مُتَبَرعا - بركابه حَتَّى ركب، فَاسْتحْسن ذَلِك الْكبر مَعَ هَذَا التَّوَاضُع. دخل عمَارَة بن حَمْزَة على الْمَنْصُور فَقعدَ فِي مَجْلِسه، وَقَامَ رجل فَقَالَ: مظلوم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، قَالَ: من ظلمك؟ قَالَ: عمَارَة غصبني ضيعتي، فَقَالَ الْمَنْصُور: يَا عمَارَة قُم فَاقْعُدْ مَعَ خصمك، فَقَالَ: مَا هُوَ لي بخصيم؛ إِن كَانَت الضَّيْعَة لَهُ فلست أنازعه فِيهَا، وَإِن كَانَت لي فَهِيَ لَهُ، وَلَا أقوم من مجْلِس قد شرفني أَمِير الْمُؤمنِينَ بالرفعة إِلَيْهِ لأقعد فِي ادنى مِنْهُ بِسَبَب ضَيْعَة. لما عزل الْحجَّاج أُميَّة بن عبد الله عَن خُرَاسَان أَمر رجلا من بني تَمِيم فعابه بخراسان وشنّع عَلَيْهِ، فَلَمَّا قفل لقِيه التَّمِيمِي فَقَالَ: أصلح الله الْأَمِير لَا تلمني فَإِنِّي كنت مَأْمُورا فَقَالَ: يَا أَخا بني تَمِيم، وحدثتك نَفسك أَنِّي وجدت عَلَيْك؟ قَالَ: قد ظَنَنْت ذَلِك، قَالَ: إِن لنَفسك عنْدك قدرا. جرى بَين الرشيد وزبيدة نزاهة نفس عمَارَة بن حَمْزَة وَكبره، فَقَالَت لَهُ: ادْع بِهِ وهب لَهُ سبحتى هَذِه، فَإِن شراءها خَمْسُونَ ألف دِينَار، فَإِن ردهَا عرفنَا نزاهته، فوجّه إِلَيْهِ فَحَضَرَ، فحادثه وَأَعْطَاهُ السبحة، فَجَعلهَا عمَارَة بَين يَدَيْهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>