الْبَاب الأول كَلَام مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان وَولده
قَالَ الْهَيْثَم: خرجَ معاويةُ يُرِيد مَكَّة، حَتَّى إِذا كَانَ بالأبواء أطلَع فِي بئرٍ عاديةٍ؛ فأصابتهُ اللقْوة. فَأتى مَكَّة، فَلَمَّا قضى نُسُكه، وَصَارَ إِلَى منزله، دَعَا بثوبٍ، فلفه على رَأسه، وعَلى جَانب وجههِ الَّذِي أَصَابَهُ فِيهِ مَا أَصَابَهُ، ثمَّ أذن للنَّاس فَدَخَلُوا عَلَيْهِ، وَعِنْده مروانُ، فَقَالَ: إِن أكن قد ابتُلِيتُ فقد ابتُلى الصالحون قبلي، وَأَرْجُو أَن أكونَ مِنْهُم وَإِن عُوقِبتُ فقد عُوقِبَ الظَّالِمُونَ قبلي، وَمَا آمَنُ أَن أكون مِنْهُم، وَقد ابْتليت فِي أحسنيِ وَمَا يَبْدُو مني، وَمَا أُحصِى صحيحي. وَمَا كَانَ لي على رَبِّي إِلَّا مَا أَعْطَانِي وَالله إِن كَانَ عتَبَ بعد خاصَّتكم لقد كنت حدباً على عامتكم، فرحم الله أمرءاً دَعَا لي بالعافية: قَالَ: فعج الناسُ بِالدُّعَاءِ لَهُ، فَبكى، فَقَالَ مَرْوَان: وَمَا يبكيك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ؟ قَالَ: كبرتْ سِني، وَكثر الدمعُ فِي عَيْني، وخشيت أَن تكون عُقُوبَة من رَبِّي، وَلَو يزِيد، أبصرتُ قصدي. دخل المسْور على مُعَاوِيَة، فَقَالَ لَهُ:: كَيفَ تركتَ قُريْشًا؟ قَالَ: أَنْت سَيِّدهَا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، أَعْلَاهَا كَعْبًا، وأسودها أَبَا، وأرفعها ذِكراً وأجلها قدرا. قَالَ: كَيفَ تركتَ سعيداً؟ قَالَ: عليلاً. قَالَ: لليدَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute