للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و ِللْفَم: بِهِ لَا بِظَبْيٍ بالصَّريمَةِ أعفَراً قَالَ: وَعَمْرو بن سعيدٍ صبيٌّ يسمع قَوْله من وَرائِهِ. فَقَالَ: إِذا وَالله لَا يسد جُفرتكَ، وَلَا يزِيد فِي رزقك، وَلَا يدْفع حتفاً عَنْك، بل يفتُّ فِي عضدك، ويهيضُ ظهرك، وينشرُ أمركَ، فتدعو فَلَا تُجاب، وتتوعدُ فَلَا تُهاب. فَقَالَ مُعَاوِيَة: يَا أَبَا أُميَّة، أَرَاك هَا هُنَا، إِن أَبَاك جارانا إِلَى غَايَة الشّرف، فَلم تعلق بآثاره، وَلم نقم لمحفاره، وَلم تلْحق بمضماره، وَلم ندن من غباره، هَذَا مَعَ قُوَّة مكانٍ، وَعزة سُلْطَان. وَإِن أثقل قَومنَا علينا من سبقنَا إِلَى غَايَة شرفٍ، فَأخذ أَبوك علينا القصبة، وَملك دُوننَا الْغَلَبَة. رُوِيَ: أَن عمَرَ بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - قدم الشَّام، وَمَعَهُ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَأَبُو عُبَيْدَة، هما على حِمَارَيْنِ قريبين من الأَرْض، فتلقاَّهما مُعَاوِيَة فِي كوكبة خشناء، فَثنى وَرِكَهُ، فَنزل، وَسلم بالخلافة: فَلم يرد عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ عبد الرَّحْمَن وَأَبُو عُبَيْدَة: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أحضرت الْفَتى فَلَو كَلمته. فَقَالَ: إِنَّك لصاحبُ الجيشِ الَّذِي أرى؟ قَالَ: نعم. قَالَ: مَعَ شدةِ احتجابِكَ، ووقوف ذَوي الْحَوَائِج ببابك؟ قَالَ: أجل. قَالَ: لِمَ؟ وَيلك قَالَ: لأَنا ببلادٍ يكثر بهَا جواسيس الْعَدو، فَإِن نَحن لم نتخد الْعدة وَالْعدَد لِلْعَدو استخف بِنَا. وهجم على عورتنا. وَأَنا - بعدُ - عاملُك، فَإِن وقفتني وقفتُ، وَإِن استزدتني زِد تُ، وَإِن استنقصتني نقصتُ. قَالَ: وَالله لَئِن كنت كَاذِبًا إِنَّه لرأيٌ أريبٍ، وَلَئِن كنت صَادِقا إِنَّه لتدبيرٌ أديب. مَا سَأَلتك قطّ عَن شيءٍ إِلَّا تَرَكتنِي فِيهِ أضيقَ من رواجبِ الضرس. لَا آمرُك وَلَا أَنهَاك.

<<  <  ج: ص:  >  >>