فِي الْملك، وَأَن يحْتَج لتِلْك الْعقُوبَة بِمَا يسْتَحق ذَلِك الذَّنب، وَلَا يَسْتَطِيع ترك عِقَابه، لما فِي ذَلِك من الْفساد على علمه بِأَن عذره غير مَبْسُوط عِنْد الْعَامَّة، وَلَا مَعْرُوف عِنْد أَكثر الْخَاصَّة. نزل رجل فَعدا بَين يَدَيْهِ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَن حَسبك، فَقَالَ لَهُ بعض من كَانَ بِقرب من الْمَأْمُون: إركب. فَقَالَ الْمَأْمُون: لَا يُقَال لمثل هَذَا: إركب، إِنَّمَا يُقَال لَهُ: إنصرف. تحدث الْمَأْمُون يَوْمًا، فَضَحِك إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم المصعبي، فَقَالَ: يَا إِسْحَاق، أوهلك لشرطتي، وتفتح فَاك من الضحك؟ خُذُوا سوَاده وسيفه، ثمَّ قَالَ: أَنْت بِالشرابِ أشبه، ضَعُوا منديلاً على عَاتِقه، فَقَالَ إِسْحَاق: أَقلنِي يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ. قَالَ: قد أقلتك، فَمَا ضحك بعْدهَا. قَالَ الْمَأْمُون: لِأَن أقتدي بسيرة أنو شرْوَان أحب إِلَيّ من أَن أقتدي بسيرة عمر بن عبد الْعَزِيز، لِأَن أَو شرْوَان كَانَ عِنْده أَن الْحق لَهُ، وَكَانَ عِنْد عمر أَن الْحق لَيْسَ لَهُ، وَأقَام عَلَيْهِ. وَقَالَ لعَلي بن هِشَام: يَا عَليّ، إياك وَهَذِه الْخِصَال، فَإِن الْمُلُوك، تحْتَمل كل شئ مَا خلاهن: الْقدح فِي الْملك، وإفشاء السِّرّ، والتعرض للحرم. وَقَالَ: لَيْسَ من توكل الْمَرْء إضاعته للحزم، وَلَا من الحزم إضاعته للتوكل.
[المعتصم]
لما أقطع المعتصم أشناساً ضيَاع الْحسن بن سهل، وَجه الْحسن بقبالاتها إِلَى أشناس، وَكتب إِلَيْهِ: قد عرفت رَأْي أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي إخلاصك بِهَذِهِ الضّيَاع، وأحببت أَلا تعرض على عقبك عُقبى، فأنفذت لَك قبالاتها معتداً فِي قبولكها بإسباغ النِّعْمَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute