وَقَالَ: إِنَّا نستعمل الرجل، فنظن بِهِ خيرا، فنكشفه عَن خير، فَمَا رَأينَا خَيره دون امتحان، وَلَا تَبينا دون تجربة. وَذكر أَنه وجد لهشام اثْنَا عشر ألف قَمِيص قد أثر بهَا كلهَا. وَحج هِشَام، فَلَقِيته قُرَيْش، فَنظر إِلَيْهَا الأبرش الْكَلْبِيّ فَعجب لجمالها ومنطقها، فَقَالَ هِشَام: إِنَّه وَالله رب فَحل كريم خطر على هجمانها.
الْوَلِيد بن يزِيد
أُتِي هِشَام بِعُود، فَقَالَ للوليد: مَا هَذَا؟ قَالَ: خشب يشقق ثمَّ يرقق، ثمَّ يلصق ثمَّ تعلق عَلَيْهِ أوتار فينطق فَتضْرب الْكِرَام رؤوسها بالحيطان سُرُورًا بِهِ. وَمَا فِي الْمجْلس أحدق إِلَّا وَهُوَ يعلم مِنْهُ مَا أعلمهُ، وَأَنت أَوَّلهمْ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ. وَقد قيل: إِن هَذَا الْكَلَام هُوَ للوليد بن مسْعدَة الْفَزارِيّ مَعَ عبد الله بن مَرْوَان. وَحكى بَعضهم قَالَ: رَأَيْت هِشَام بن عبد الْملك يَوْم توفّي مسلمة بن عبد الْملك إِذا طلع الْوَلِيد وَهُوَ نشوان يجر مطرف خَز، فَوقف على هِشَام، فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، إِن عَقبي من بَقِي لُحُوق بِمن مضى، وَقد أقفر بعد مسلمة الصَّيْد لمن رمى، واختل الثغر فوهى، وعَلى إِثْر من سلف يمْضِي من خلف، فتزودوا، فَإِن خير الزَّاد التَّقْوَى. قَالَ: فَأَعْرض هِشَام وَلم يحر جَوَابا ووجم النَّاس. وَقَالَ: يَا بني أُميَّة، إيَّاكُمْ والغناء فَإِنَّهُ ينقص الْحيَاء، وَيزِيد فِي الشَّهْوَة، ويهدم الْمُرُوءَة، وينوب عَن الْخمر، وَيفْعل مَا يفعل السكر. فَإِن كُنْتُم لَا بُد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute