للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالاستغفار لَك؛ أما لَئِن كَانُوا قَامُوا بِأَمْر الدُّنْيَا لقد قُمْت بِأَمْر الدّين حِين وهى شعبه وتفاقم صدعه، ورجفت جوانبه، فَعَلَيْك سَلام الله سَلام توديع غير قاليةٍ لحياتك، وَلَا زارية على الْقَضَاء فِيك.

حَدِيثهَا مَعَ ابْن عَبَّاس

رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بَعَثَنِي عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام بعد دُخُوله الْبَصْرَة إِلَى عَائِشَة يأمرها بالرحيل إِلَى بلادها، فأتيتها فَدخلت عَلَيْهَا، فَلم يوضع لي شَيْء أَجْلِس عَلَيْهِ، فتناولت وسَادَة كَانَت فِي رَحلهَا فَقَعَدت عَلَيْهَا، فَقَالَت: يَا بن عَبَّاس: أَخْطَأت السّنة؛ قعدت على وسادتنا فِي بيتنا بِغَيْر إذننا. فَقلت: مَا هَذَا بَيْتك الَّذِي أَمرك الله أَن تقري فِيهِ، وَلَو كَانَ بَيْتك مَا قعدت على وِسَادَتك إِلَّا بإذنك. ثمَّ قلت: إِن أَمِير الْمُؤمنِينَ أَرْسلنِي إِلَيْك يَأْمُرك بالرحيل إِلَى بلادك. قَالَت: وَأَيْنَ أَمِير الْمُؤمنِينَ؟ ذَاك عمر. فَقلت: ذَاك عمر وَعلي. قَالَت: أَبيت أَبيت. قلت: أما وَالله مَا كَانَ إباؤك إِلَّا قصير الْمدَّة، عَظِيم التبعة، قَلِيل الْمَنْفَعَة، ظَاهر الشؤم: بَين النكد. وَمَا عَسى أَن يكون إباؤك؟ وَمَا كَانَ أَمرك إِلَّا كحلب شَاة، حَتَّى صرت لَا تأمرين وَلَا تنهين، وَلَا تأخذين وَلَا تعطين، وَمَا كَانَ مثلك إِلَّا كَقَوْل أخي بني أَسد: مازال إهداء الضغائن بَيْننَا ... نثو الحَدِيث وَكَثْرَة الألقاب حَتَّى تركت كَأَن صَوْتك فيهم ... فِي كل نائبة طنين ذُبَاب قَالَ: فَبَكَتْ حَتَّى سَمِعت نحيبها من وَرَاء الْحجاب ثمَّ قَالَت: إِنِّي مُعجلَة الرحيل إِلَى بلادي إِن شَاءَ الله؛ وَالله مَا من بلد أبْغض إِلَيّ من بلد أَنْتُم بِهِ. قَالَ: قلت: وَلم ذَاك؟ فوَاللَّه لقد جعلناك للْمُؤْمِنين أما، وَجَعَلنَا أَبَاك صديقا. قَالَت: تكلمني يَا بن عَبَّاس أتمن على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. فَقلت: مَا لي لَا أَمن عَلَيْك بِمن لَو كَانَ مِنْك لمننت بِهِ عَليّ. قَالَ: فَأتيت عليا فَأَخْبَرته بِقَوْلِي وَقَوْلها. فَقبل بَين عَيْني ثمَّ قَالَ: " ذُرِّيَّة بَعْضهَا من بعض وَالله سميع عليم ".

<<  <  ج: ص:  >  >>