الْبَاب الثَّامِن عشر نَوَادِر أشعب
كَانَ يَقُول: كَلْبِي كلبُ سوء، يبصبص للأضياف وينبح أصحابَ الْهَدَايَا. وأشعبُ هَذَا هُوَ الموصوفُ بالطمع. وَقيل لَهُ: مَا بلغ مِنْ طمعك؟ قَالَ: لم تقُلْ هَذَا إِلَّا وَفِي نفْسِك خيرٌ تَصنعهُ بِي. ومِن عَجِيب أخباره أَنه لم يمتْ شريفٌ قطّ من أهل الْمَدِينَة إِلَّا استعدى أشعب عَليّ وَصيته، أَو وَارثه، وَقَالَ لَهُ: احْلِف أَنه لمْ يُوصِ لي بشي قبل مَوته. وَقيل لَهُ: لقد لِقيتَ رجلا من أصْحاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَو حَفظتَ أَحَادِيث تتحدَّثُ بهَا؟ ؟ قَالَ: أَنا أعلُم الناسِ بِالْحَدِيثِ. قيل: فحدِّثنا. قَالَ: حَدثنِي عِكرمةُ عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: خلَّتَان لَا تجتمعان فِي مُؤمن إِلَّا دخلَ الجنةَ. ثمَّ سكتَ. قيل لَهُ: هاتِ، مَا الخلَّتان؟ قَالَ: نسِي عِكرمةُ إحداهُما، ونسيُ أَنا الْأُخْرَى. قَالَ بعضُهم: قلت لَهُ: لَو تحدثتَ عِنْد العَشيّة {} فَقَالَ: أخافُ أَن يجِئ إنسانٌ ثقيل: قلتُ: لَيْسَ مَعنا ثالثٌ. فمضَى معي. فَلَمَّا صليتُ دعوتُ بالعشاء، فَلم يلبثْ أنْ جَاءَ صديقٌ يدقُّ البابَ، فَقَالَ أشْعَبُ: تُرى قد صِرنْا إِلَى مَا نكُرهُ؟ قَالَ: قلتُ لَهُ: عِنْدي فِيهِ عشرُ خِصال لَا يُكرهُ مِنْهَا خَصْلةٌ، فَإِن كرهت وَاحِدَة لم آذن لَهُ. قَالَ. هَات. قلت: أولَاهُنَّ أَنه لَا يَأْكُل. فَقَالَ التسع الْبَاقِيَة لَك. أدخلهُ. وَكَانَ أشبعُ لَا يغب طَعَام سَالم بنِ عبد الله بن عُمَر فاشتهى سالمٌ أنْ يأْكل مَعَ بناتِه. فَخرج إِلَى بُستان لَهُ، فجَاء أشعبِ فَخُبر بالقصة فاكترى جملا بدرهم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute