للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ بَعضهم: من زعم أَنه لَا يحب المَال فَهُوَ عِنْدِي كَاذِب حَتَّى يثبت صدقه، فَإِذا ثَبت صدقه فَهُوَ عِنْدِي أَحمَق. سُئِلَ بزرجمهر عَن الرزق قَالَ: إِن كَانَ قد قسم فَلَا تعجله، وَإِن كَانَ لم يقسم فَلَا تتعبه. وَقَالَ: المصطنع إِلَى اللَّئِيم كمن طوق الْخِنْزِير ثبرا، وقرّط الْكَلْب دُرّا، وألبس الْحمار وشيا، وألقم الْحَيَّة شَهدا. وَقَالَ: من قوي فليقو على طَاعَة الله، وَمن ضعف فليضعف عَن محارم الله. وَكَانَ يَقُول: السعيد يتبع الرزق، والشقي يتبع مسْقط الرَّأْس. وَقيل لَهُ: أَي الْعُيُوب أقبح؟ قَالَ: قلَّة معرفَة الرجل بِنَفسِهِ. كتب رجل من الْخَاصَّة إِلَى أنوشروان: إِن رجلا من الْعَامَّة دَعَاهُ إِلَى منزله فأطعمه من طَعَام الْخَاصَّة وسقاه من شرابها، وَقد كَانَ الْملك نهى عَن ذَلِك وأوعد فِيهِ، فَأَحْبَبْت أَلا أطوي عَنهُ خَبرا. فوقّع فِي كِتَابه: أحمدنا نصيحتك، وذممنا صَاحبك لسوء اخْتِيَاره الإخوان. قَالَ بزرجمهر لكسرى، وَعِنْده أَوْلَاده: أَي أولادك أحب إِلَيْك؟ قَالَ: أرغبهم فِي الْأَدَب، وأجزعهم من الْعَار، وأنظرهم إِلَى الطَّبَقَة الَّتِي فَوْقه. وَقَالَ: من عيب الدُّنْيَا أَنَّهَا لَا تُعْطِي أحدا اسْتِحْقَاقه، إِمَّا أَن تزيده وَإِمَّا أَن تنقصه. وَقَالَ بزرجمهر: الحازم إِذا أشكل عَلَيْهِ الرَّأْي بِمَنْزِلَة من أضلّ لؤلؤة فَجمع مَا حول مسقطها من التُّرَاب ثمَّ التمسها حَتَّى وجدهَا، فَكَذَلِك الحازم يجمع وُجُوه الرَّأْي فِي الْأَمر الْمُشكل ثمَّ يضْرب بعضه بِبَعْض حَتَّى يخلص الرَّأْي. رفع إِلَى أنوشروان إِن عَامل الأهواز قد جبى من المَال مَا يزِيد على الْوَاجِب فِي وقته، وَأَن ذَلِك أجحف بالرعية، فوقّع: رد هَذَا المَال إِلَى هَؤُلَاءِ الضُّعَفَاء؛ فَإِن تَكْثِير الْملك لمَاله بظُلْم رَعيته بِمَنْزِلَة من حصّن سطوحه بِمَا اقتلعه من قَوَاعِد بُنْيَانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>