بِهِ. وَهَؤُلَاء الْآن قد ظهر مِنْهُم تراوض الْبَاطِل، وَإِذ كاء الشنآن، وكوامن الأحقاد، وَإِدْرَاك الإحن والأوتار. وَبِذَلِك وشيكاً كَانَ كيدهم وتبغيهم وسعي بَعضهم بِبَعْض، فَلَمَّا أقالوا عاثراً، وَلَا استعتبوا مذنباً، حَتَّى اتَّخذُوا ذَلِك سَبِيلا إِلَى سفك الدِّمَاء، وَإِبَاحَة الْحمى، وَجعلُوا سَبِيلا إِلَى البأساء والعنت. فَهَلا علنت كلمتكم، وَظَهَرت حسدتكم، إِذْ ابْن الْخطاب قَائِم على رءوسكم، ماثل فِي عرصاتكم؛ يرعد ويبرق بإرغائكم، يقمعكم غير حذر من تراجعكم إِلَّا فِي بَيْنكُم؛ وهلا نقمتم عَلَيْهِ عوداً وبدءاً إِذْ ملك، وتملك عَلَيْكُم من لَيْسَ مِنْكُم بالخلق اللين، والخصم العضل يسْعَى عَلَيْكُم، وَينصب لكم، لَا تنكرون ذَلِك مِنْهُ خوفًا من سطوته، وحذراً من شدته، أَن يَهْتِف بكم متقسوراً، أَو يصْرخ بكم متعذوراً. إِن قَالَ صَدقْتُمْ قالته وَإِن سَأَلَ بذلتم سَأَلته، يحكم فِي رِقَابكُمْ وَأَمْوَالكُمْ كأنكم عَجَائِز صلع، وإماء قصع، فَبَدَأَ مفلتاً ابْن أبي قُحَافَة بِإِرْث نَبِيكُم على بعد رَحمَه وضيق بَلَده، وَقلة عدده فرقأ الله شَرها، زعم الله دره مَا أعرفهُ لما صنع؛ أَو لم يخصم الْأَنْصَار بقيس؟ ثمَّ حكم بِالطَّاعَةِ لمولى أبي حُذَيْفَة؟ يتمايل بكم يَمِينا وَشمَالًا، قد خطب عقولكم، واستمهر وجلكم، ٣٥٧ ممتحنا لكم، ومعترفاً أخطاركم، وَهل تسمو هممكم إِلَى منازعته وَلَوْلَا تيك لَكَانَ قسمه خسيساً وسعيه تعيساً؛ لَكِن بدر بِالرَّأْيِ، وثنى بِالْقضَاءِ وَثلث بالشوري ثمَّ غَدا سامراً مسلطاً درته على عَاتِقه فتطأطأتم لَهُ تطأطؤ الحقة، ووليتموه أدباركم حَتَّى علا أكتافكم ينعق بكم فِي كل مرتع، ويشد مِنْكُم على كل مخنق، لَا يبتعث لكم هتاف وَلَا يأتلق لكم شهَاب يهجم عَلَيْكُم بالسراء، ويتورط بالحوباء عَرَفْتُمْ أَو أنكرتم، لَا تألمون وَلَا تستنطقون، حَتَّى إِذا عَاد الْأَمر فِيكُم وَلكم، فِي مونقة من الْعَيْش، عرقها وشيج، وفرعها عميم، وظلها ظَلِيل تتناولون من كثب ثمارها أَنى شِئْتُم رغداً، وحلبت عَلَيْكُم عشار الأَرْض درراً، واستمرأتم أكلكم من فَوْقكُم وَمن تَحت أَرْجُلكُم، فِي خصب غدق، وأوق شَرق، تنامون فِي الْخَفْض وتستلينون الدعة، ومقتم زبرجة الدُّنْيَا وحرجتها، واستحليتم غضارتها ونضرتها وظننتم أَن ذَلِك سَيَأْتِيكُمْ من كثب عفوا، ويتحلب عَلَيْكُم رسلًا، قانتضبتم سُيُوفكُمْ، وكسرتم جفونكم، وَقد أَبى الله أَن تشام سيوف جردت بغياً وظلماً، ونسيتم قَول الله عز وَجل " إِن الْإِنْسَان خلق هلوعاً إِذا مَسّه الشَّرّ جزوعاً وَإِذا مَسّه الْخَيْر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute