للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدْخِلَ رجلٌ من الشُّراة إِلَى الْحجَّاج فاسْتحقرهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: ويْحكَ {} مَا أخرجَك؟ ؟ فواللهِ مَا أظنُّك تعْرِفَ مواقِيتَ الصَّلاة. فَقَالَ: ذاكَ لَو اتكلتُ عَلَى تعْليمك يَا حجّاجُ، كنتُ بالحري أَن أنزلَ بهذهِ المنزلةِ. قَالَ: مَا أخْرجَكَ؟ قَالَ: مَخافَةُ يَوْم أَنا وأنتَ إِلَى نصير. قَالَ: وَمَا ذَالك الْيَوْم؟ قَالَ: أول آخِرٌ، وأخِرٌ أولٌ. مستقبلٌ أول، مستدْبِرٌ آخِر. لَا بعدَهُ أجَلٌ وَلَا فِيهِ عمَل، وَلَا فِيهِ مسْتغِيثٌ، وَلَا إِلَى غَيره مَذْهب، يأْمَنُ فِيهِ الخائفُ، ويخف فِيهِ الأمِنُ، ويعزُّ الذليلُ ويذلُّ فِيهِ العزيزُ وَفِي مِثْل هَذَا مَا أقْلقَ مِثلي عَن الفِراش، والأئمةُ تعْدِلُ، فكيْفَ إِذا كانتْ تَضِلُّ وتُضلِّلُ؟ فاقضِ مَا أنتَ قاضٍ. قَالَ: أجزِعتَ من الموتِ؟ قَالَ: واللهِ مَا جزعتُ مِن قضاءِ، وَلَا أسفتُ من بلاءٍ، وَلَا كرهت لرَبي لِقَاء، وللموت مَا خلقتُ، وَمَالِي حاجةٌ إِلَّا فِيهِ. فَهَل يجزعُ الرجلُ من قَضاء حاجتِهِ؟ قَالَ: أمَا وَالله لأعجِّلنَّ لَكَ من العذابِ الأدْنَى دُونَ العذابِ الْأَكْبَر. قَالَ: أمَا واللهِ لَو علمتُ أنَّ بِيَدِك تعْجيلَه لعلمْتُ أنَّ بِيَدِك تأْخيرَه. قَالَ: وَالله لأقتُلنَّك. قَالَ: لَا يعزُّ اللهُ بقتلي باطِلاً وَلَا يُبطِلُ بِهِ حَقًا. وَلَئِن قتلْتَني لأُخاصمنَّكَ بِحَيْثُ يزولُ عنْكَ وَعَن أبي الزَّرقاء عزُّكُما وَلَا يدْفعُ عنكُما سلطانُكُما، وحيثُ لَا يُقْبل لَكمَا عذْرٌ وَلَا تنفعكُما حجُةٌ. أَمر بقَتْله.

<<  <  ج: ص:  >  >>