للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مكشوفٌ. فقلتُ لَهُ: غطه لَا ذُعِرْتَ. قَالَ: أَو يْغطى من اللهِ شيءٌ. لَا تلفتَ. قَالَ الفرزدقُ لغلام أعجبهُ إنشادُه: أيسرني أَنِّي أَبوك؟ قَالَ: لَا، ولكنْ أُمِّي، لُيصيبَ أبي من أطايبك. قَالَ البلاذُري: أدخِلَ الرّكاضُ وَهُوَ ابنُ أَربع سِنِين إِلَى الرشيد ليعجبَ من فطنته، فَقَالَ لَهُ: مَا تحبُّ أنْ أهَبَ لَك؟ قَالَ: جميلَ رَأْيك فَإِنِّي أفوزُ بِهِ فِي الدُّنيا، وَالْآخِرَة، فَأمر لَهُ بدنانيرَ، ودراهمَ فصُبَّتْ بَين يَدَيْهِ. فَقَالَ: اختر الأحبَّ إِلَيْك. قَالَ: الأحبَّ إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ، وَهَذَا مِنْ هذَين، وضربَ يدَه إِلَى الدَّنانير فَضَحِك الرشيدُ، وَأمر أَن يضم إِلَى وَلَده، وَيجْرِي عَلَيْهِ. اجتازَ عمرُ بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ بصبيان يَلْعَبُونَ، وَفِيهِمْ عبدُ الله ابْن الزُّبير فتهاربُوا إِلَّا عبدَ الله فَإِنَّهُ وقفَ. فَقَالَ لَهُ عمرُ: لِمَ لمْ تَفِرّ مَعَ أَصْحَابك؟ قَالَ: لم يكُن لي جُرمٌ فأفرَّ مِنْك، وَلَا كَانَ الطريقُ ضيّقاً فأُوسِّعَهُ عَلَيْك. قَالَ إياسُ: كَانَ لي أخٌ، فَقَالَ لي وَهُوَ غُلَام صغيرٌ: مِنْ أَي شَيْء خُلقنا قلتُ: مِنْ طين. فَتَنَاول مَدَرةً، وَقَالَ: مِنْ هَذَا؟ قلتُ: نعم. خلَق الله آدم من طين: قَالَ: فيستطيع الَّذِي خلقنَا أَن يُعيدنا إِلَى هَذَا الَّذِي خلقنَا مِنْهُ؟ قلتُ: نعمْ. قَالَ: فَيَنْبَغِي لنا أَن نخافَه. قيل لغلام: أتحبُّ أَن يموتَ أبُوك؟ قَالَ: لَا، ولكنْ أحِبُّ أنْ يُقتلَ لأرثَ ديتَه فإنَّه فَقير. قَعَدَ صبي مَعَ قوم، فقُدم شَيْء حارٌّ، فَأخذ الصَّبِي يبكي. فَقَالُوا: مَا يُبْكيك؟ قَالَ: هُوَ حارٌّ. قَالُوا: فاصبرُ حَتَّى يبرَدَ. قَالَ: أَنْتُم لَا تصبرون. خرج صبي من بيتِ أمِّه فِي صَحو، وَعَاد فِي مطر شَدِيد، فَقَالَت لَهُ أمُّه: فَديتُك ابْني هَذَا المطُر كلهُّ على رأسِك يَجِيء. قَالَ: لَا يامي. كَانَ أكْثُره على الأَرْض، وَلَو كَانَ كلُّه على رَأْسِي لَغرقتُ. وَسمع آخر أمَّه تبْكي فِي السَّحرَ، فَقَالَ: لِمَ تبكينَ؟ قالتْ: ذكرتُ أَبَاك، فَاحْتَرَقَ قلبِي. قَالَ الصبيُّ: صدقْتِ. هَذَا وقتُه. وجهّ

<<  <  ج: ص:  >  >>