وطاح مَا سوى ذَلِك من الأهلين وَالْمَال. وذم أَعْرَابِي قوما فَقَالَ: بيُوت تدخل حبواً إِلَى غير نمارق، وشبارق فصح الْأَلْسِنَة برد السَّائِل، جذم الأكف عَن النائل. قَالَ الْأَصْمَعِي: حججْت فَبينا أَنا بِالْأَبْطح إِذا شيخ فِي سحق عباء، صعل الرَّأْس أثط أخزر أَزْرَق، كَأَنَّمَا ينظر من فص زجاج أَخْضَر، فَسلمت فَرد عَليّ التَّحِيَّة، فَقلت: مِمَّن الشَّيْخ؟ قَالَ: من بني حَمْزَة ابْن بكر بن عبد منَاف بن كنَانَة. قلت: فَمَا الِاسْم؟ قَالَ خميصة ابْن قَارب. ثمَّ أَعْرَابِي أَنْت؟ قلت: نعم قَالَ: من أَيَّة؟ قلت: من أهل بصرة قَالَ: فَإلَى من تعتزي؟ قلت: قيس بن غيلَان. قَالَ: لأيهم؟ قلت: أحد بني يعصر، وَأَنا أقلب ألواحاً معي. قَالَ: مَا هَذِه الخشبات المقرونات قلت: اكْتُبْ فِيهِنَّ مَا أسمع من كلامكم. قَالَ: وَإِنَّكُمْ مختلون إِلَى ذَلِك. قلت: نعم، وَأي خلة. ثمَّ صمت مَلِيًّا ثمَّ قَالَ فِي وصف قومه: كَانُوا كالصخرة الصلادة تنبو عَن صفحاتها المعاول ثمَّ زحمها الدَّهْر بمنكبه فَصَدَعَهَا صدع الزجاجة مَالهَا من جَابر فَأَصْبحُوا شذر مذر أيادي سبأ، وَرب يَوْم وَالله عَارِم قد أَحْسنُوا تأديبه، ودهر غاشم قد قومُوا صعره، وَمَال صَامت قد شتتوا تألفه، وخطة بؤس قد حسمها إحسانهم وَحرب عبوس ضاحكتها أسنتهم، أما وَالله يَا أَخا قيس لقد كَانَت كهولهم جحاجح، وشبابهم مراجح ونائلهم مسفوح، وسائلهم ممنوح وجنانهم ربيع وجارهم منيع. فَنَهَضت لأنصرف فأصر بِمَجَامِع ذيلي وَقَالَ: أَجْلِس فقد أَخْبَرتك عَن قومِي حَتَّى أخْبرك عَن قَوْمك فَقلت فِي نَفسِي: إِن الله يشيد فِي قيس وَالله وصمة تبقى على الدَّهْر. فَقلت: حسبي، لَا حَاجَة لي إِلَى ذكرك قومِي قَالَ: بلَى هم وَالله هضبة ململمة الْعِزّ أَرْكَانهَا وَالْمجد أحضانها، تمكنت فِي الْحسب الْعد تمكن الْأَصَابِع فِي الْيَد فَقُمْت مسرعاً مَخَافَة أَن يفْسد عَليّ مَا سَمِعت.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute