للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيخ كَبِير، وَرب غَفُور لَا دين، وَلَا بَنَات. وَقَالَ آخر لبَعض السلاطين: أَسأَلك بِالَّذِي أَنْت بَين يَدَيْهِ، أدل مني بَين يَديك، وَهُوَ على عقابك أقدر مِنْك على عقابي، أَلا نظرت فِي أَمْرِي نظر من ير براءتي، أحب إِلَيْهِ من سقمي. قَالَ إِسْحَاق الْمدنِي: جلس إِلَى أَعْرَابِي فَقَالَ: إِنِّي أحب الْمعرفَة، وأجلك عَن الْمَسْأَلَة. حبس مَرْوَان بن الحكم رجلا من بني عبس فَأَتَاهُ بشيخ مِنْهُ فَكَلمهُ فِيهِ فَأبى أَن يُطلقهُ. فَقَالَ: أما وَالله لَئِن كنت حَبسته، لقد كَانَ تقياً، ذَا مُرُوءَة. قَالَ: وَمَا الْمُرُوءَة فِيكُم يَا أَخا بني عبس؟ قَالَ: صدق الحَدِيث وصلَة الرَّحِم، وَإِصْلَاح المَال. فأعجب مَرْوَان وَكَانَ إِذا أعجب الشَّيْء دَعَا لَهُ ابنيه عبد الْملك وَعبد الْعَزِيز ليسمعاه، قَالَ: فدعاهما ثمَّ استعاده، فَأَعَادَ الشَّيْخ القَوْل، وَحضر طَعَام مَرْوَان فَدَعَاهُ إِلَى طَعَامه فَلم يجبهُ، فَدَعَا ابْنا لَهُ كَانَ مَعَه فَأجَاب. قَالَ مَرْوَان لشيخ. ابْنك خير مِنْك يَا أَخا بني عبس، دعوناك إِلَى طعامنا فَلم تجب، ودعوناه فَأجَاب فَقَالَ الْعَبْسِي: مَا أَحْسبهُ ضرّ أَبَاهُ إِن كنت خيرا مِنْهُ. فَضَحِك مَرْوَان حَتَّى اسْتلْقى وَأطلق لَهُ صَاحبه. قَالَ عبد الْملك بن مَرْوَان لرجل من الْعَرَب: كَيفَ علمك بالكواكب؟ قَالَ: لَو لم أعرف مِنْهَا غير النَّجْم لكفاني، - يُرِيد نجم الثريا - فَقَالَ لَهُ: وَكَيف ذَاك؟ قَالَ: إِذا طلعت من الْمشرق حصدت زرعي، وَإِذا توسطت السَّمَاء جردت نخلي، وَإِذا سَقَطت فِي الغرب دفنت بذري، هَذَا تَدْبِير معيشتي. فَقَالَ عبد الْملك: حَسبك بهَا علما. قَالَ هِشَام لأعرابي: كَيفَ أفلت من فلَان عَامل لَهُ؟ قَالَ: ببراءته وعدله. وَقَالَ آخر: نعم أَخُو الشريف درهمه، يُغْنِيه عَن اللئام، ويتجمل بِهِ فِي الْكِرَام. دخل أَعْرَابِي على بعض الْوُلَاة فَقَالَ: مِمَّن الرجل؟ فَقَالَ: من قوم إِذا أَحبُّوا مَاتُوا. قَالَ: عُذْري وَرب الْكَعْبَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>