للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ آخر: مجالسة الأحمق خطر، وَالْقِيَام عَنهُ ظفر. قَالَ الْأَصْمَعِي: جلس إِلَى أَعْرَابِي تَقْتَحِمُهُ الْعين يحمي دربه. وَالله مَا ظننته يجمع بَين كَلِمَتَيْنِ فاستنطقته، فَإِذا نَار تأجج فَقلت: أتحسن شَيْئا من الْحِكْمَة تفِيد مِنْهُ؟ قَالَ: نعم، الرُّجُوع عَن الصمت أحسن من الرُّجُوع عَن الْكَلَام، والعطية بعد الْمَنْع، أجمل من الْمَنْع بعد الْعَطِيَّة، والإقدام على الْعَمَل بعد التأني فِيهِ، أحسن من الْإِمْسَاك عَنهُ بعد الْإِقْدَام عَلَيْهِ. قَالَ فَعظم فِي عَيْني حَتَّى مَلأ عَيْني وقلبي هَيْبَة. قَالَ أَعْرَابِي: الْعذر الْجَمِيل أحسن من المطل الطَّوِيل، فَإِذا أردْت الإنعام فانجح، فَإِن تَعَذَّرَتْ الْحَاجة فأفصح. قيل لأعرابي: مَا وقوفك هَا هُنَا؟ فَقَالَ: وقفت مَعَ أَخ لي يَقُول بِلَا علم، وَيَأْخُذ بِلَا شكر، وَيرد بِلَا حشمة. قَالَ أَعْرَابِي لآخر: لَا كل لسَانك عَن الْبَيَان، وَلَا أسكتك الزّجر والهوان. وَقَالَ آخر لرجل: حَاجَتي إِلَيْك حَاجَة الضال إِلَى المرشد، والمضل إِلَى المنشد. وَقَالَ آخر: بالفحول تدْرك الذحول. وَقَالَ آخر: أَنا أستنجدك إِذا كنت مُضَافا، وأسترفدك إِذا كنت مضيفاً. قيل لأعرابي: كَيفَ أَصبَحت؟ قَالَ: أَصبَحت أحتسب على الله الْحَسَنَة، وَلَا أحتسب على نَفسِي السَّيئَة. وَقَالَ آخر وَقد قيل لَهُ: أَيَسُرُّك أَنَّك أَحمَق وَأَن لَك مائَة ألف دِرْهَم؟ قَالَ: لَا. قيل: وَلم؟ قَالَ: لِأَن حمقة وَاحِدَة تَأتي على مائَة ألف، وَألْفي بعْدهَا أَحمَق. قَالَ آخر: من جاد بِمَالِه فقد جاد بِنَفسِهِ، إِلَّا يكن جاد بهَا فقد جاد بقوامها. وَقَالَ آخر: من هذل جَوَاده فِي الرخَاء، قَامَ بِهِ فِي الشدَّة.

<<  <  ج: ص:  >  >>