للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل لآخر: بِمَاذَا تغلب النَّاس؟ قَالَ: أبهت بِالْكَذِبِ، وأستشهد بالموتى. قَالَ الْأَصْمَعِي: سَأَلت أَعْرَابِيًا عَن الدُّنْيَا فَقَالَ: إِن الآمال قطعت أَعْنَاق الرِّجَال، كالسراب، غر من رَآهُ، وأخلف من رجاه، وَمن كَانَ اللَّيْل وَالنَّهَار مطيته، أَسْرعَا السّير بِهِ وَالْبُلُوغ. ثمَّ أنْشد يَقُول: الْمَرْء يدْفع بِالْأَيَّامِ يَدْفَعهَا ... وكل يَوْم مضى يدني من الْأَجَل ذكر أَعْرَابِي رجلا بقلة الْحيَاء فَقَالَ: لَو دقَّتْ بِوَجْهِهِ الْحِجَارَة لرضها وَلَو خلا بِالْكَعْبَةِ لسرقها. قيل لأعرابي: بِمَ سدت قَوْمك؟ قَالَ: بِحَسب لَا يطعن عَلَيْهِ، ورأي لَا يسْتَغْنى عَنهُ. قيل لآخر: بِمَ تعرفُون السؤدد فِي الْغُلَام؟ قَالَ: إِذا كَانَ سابل الْغرَّة، طَوِيل الغرلة، ملتاث الأزرة، وَكَانَت فِيهِ لوثة، فلسنا نشك فِي السؤدد. وَقَالَ آخر لسنان بن سَلمَة الْهُذلِيّ: مَا أَنْت بأرسخ فَتكون فَارِسًا، وَلَا بعظيم الرَّأْس فَتكون سيداً. وَقَالَ بَعضهم: نَحن لَا نسود إِلَّا من موطننا رَحْله، ولفرسنا عرضه ويملكنا مَاله. سَأَلَ أَعْرَابِي عَن رجل فَقَالَ: أَحمَق مَرْزُوق. فَقَالَ: وَالله ذَاك الرجل الْكَامِل. قَالَ الْأَصْمَعِي: سَمِعت أَعْرَابِيًا يَقُول: تمرنا جرد فطس، يغيب فِيهَا الضرس عراض كَأَنَّهَا ألسن الطير تضع التمرة فِي فِيك فتجد حلاوتها فِي كعبك. قَالَ أَعْرَابِي لِأَخِيهِ: إِن لم يكن مَالك لَك، كنت أَنْت لَهُ، فَإِن لم تفنه، أفناك، فكله قبل أَن يَأْكُلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>