للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو زيد: رب غيث لم يَك غوثاً، وَرب عجلة نهب ريثاً. وَقَالَ آخر لرجل رَآهُ يذم قرَابَته: أما سَمِعت مَا يَقُول الْعَرَب، فَإِنَّهَا تَقول: الرَّحِم بكدرها والمودة بصفائها. قدم هَوْذَة بن عَليّ، على كسْرَى فَسَأَلَهُ عَن بنيه، فَذكر عددا، فَقَالَ: أَيهمْ أحب إِلَيْك؟ قَالَ: الصَّغِير حَتَّى يكبر، وَالْغَائِب حَتَّى يقدم، وَالْمَرِيض حَتَّى يَصح. فَقَالَ لَهُ كسْرَى: مَا غداؤك فِي بلدك؟ قَالَ: الْخبز. قَالَ كسْرَى لجلسائه: هَذَا عقل الْخبز يفضله على عقول أهل الْبَوَادِي، الَّذين يغتذون اللَّبن وَالتَّمْر. قَالَ الْأَصْمَعِي: كنت بالبادية فجَاء بِي أَعْرَابِي مَعَه عبد أسود فقلال: يَا حضري، أتكتب؟ قلت: أكتب: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم من عرْفجَة التغلبي لميمون مَوْلَاهُ، إِنَّك كنت عبد الله فوهبك لي، فرددتك ووهبتك لواهبك للْجُوَاز على الصِّرَاط، قد كنت أمس لي، وَأَنت الْيَوْم مثلي وَلَا سَبِيل لي عَلَيْك إِلَّا سَبِيل وَلَاء. أَتَى مُعَاوِيَة بِرَجُل من جرهم قد أَتَت عَلَيْهِ الدهور فَقَالَ لَهُ: أَخْبرنِي عَمَّا رَأَيْت فِي سالف عمرك؟ قَالَ: رَأَيْت بَين جَامع مَالا مفرقاً، ومفرق مَالا مجموعاً، وَمن قوى يظلم، وَضَعِيف يظلم، وصغير يكبر، وكبير يهرم، وَحي يَمُوت، وجنين يُولد، وَكلهمْ بَين مسرور بموجود ومحزون بمفقود. قَالَ أَعْرَابِي: خرجنَا حُفَاة وَالشَّمْس فِي قلَّة السَّمَاء، حَيْثُ انتعل كل شَيْء ظله وَمَا زادنا إِلَّا التَّوَكُّل، وَمَا مطايانا إِلَّا الْأَجَل، حَتَّى لحقنا الْقَوْم. وصف آخر تعادى قوم، فَقَالَ: ألحاظهم سِهَام، وَأَلْفَاظهمْ سمام.

<<  <  ج: ص:  >  >>