الشم، والجراول السود الصم، إِن أسيداً لَهو الْخصم، لَا يُنكر الْفضل لَهُ فِي الْقَمَر، أما وَرب السَّمَاء وَالْأَرْض، مَا لَاحَ لناظر، لقد سبق أسيد أَبَا ربيعَة بِغَيْر مراء. قَالُوا: فَقضى بِالْفَضْلِ لمخزوم فَقَالَ: أما وَرب العاديات الضبح، مَا يعدل الْحر بِعَبْدِهِ مفشح، بِمن أحل قومه بِالْأَبْطح، فَنحر أسيد وَرَجَعُوا فَأخذ مَال أبي ربيعَة، وَكَانَت أُخْت أسيد عِنْد أبي جهل فكلموها، فكلمت أخاها فَرد مَاله. ذكر الْأَصْمَعِي أَن هنداً كَانَت عِنْد الْفَاكِه بن الْمُغيرَة المَخْزُومِي وَكَانَ لَهُ بَيت ضِيَافَة يَغْشَاهُ النَّاس فيدخلونه من غير إِذن، فَخَلا ذَلِك الْبَيْت يَوْمًا واضطجع فِيهِ الْفَاكِه وَهِنْد، ثمَّ قَامَ الْفَاكِه فَترك هنداً لأمر عرض لَهُ، فَأقبل رجل مِمَّن كَانَ يغشى الْبَيْت فولجه فَلَمَّا رأى الْمَرْأَة نَائِمَة ولى هَارِبا، فأبصر الْفَاكِه، فَإِذا رجل قد خرج من الْبَيْت فَأقبل الْفَاكِه إِلَى هِنْد فَرَفعهَا بِرجلِهِ وَقَالَ: من هَذَا الَّذِي كَانَ عنْدك؟ فَقَالَت: مَا رَأَيْت أحدا وَلَا انْتَبَهت حَتَّى أنبهتني. فَقَالَ لَهَا: الحقي بأبيك. قَالَت: أفعل، وَمَضَت من فورها، وَتكلم النَّاس فِي ذَلِك فَقَالَ لَهَا أَبوهَا: يَا بنية، إِن النَّاس قد أَكْثرُوا فِيك الْكَلَام، فأخبريني بالقصة على الصِّحَّة، فَإِن كَانَ كَاذِبًا دسست إِلَيْهِ من يقْتله، فتنقطع القالة عَنْك فَحَلَفت أيمناً بِأَنَّهُ لَكَاذِب عَلَيْهَا، فَقَالَ عتبَة للفاكه: إِنَّك قد رميت ابْنَتي بِأَمْر عَظِيم فَهَل لَك فِي أَن تحاكمني إِلَى بعض الْحُكَّام؟ فَخرج الْفَاكِه فِي جمَاعَة من بني مَخْزُوم، وَخرج عتبَة فِي جمَاعَة من بني عبد منَاف، وَخرج مَعَه هنداً ونسوة مَعهَا يهْدُونَ بعض الكهنة، فَلَمَّا شارفوا بِلَاد الكاهن، تنكرت حَال هِنْد وَتغَير لَوْنهَا، وَرَأى ذَلِك أَبوهَا فَقَالَ لَهَا: يَا بنية، إِنِّي أرابني مَا بك، وَمَا ذَاك إِلَّا لمكروه عَنْك، فَهَلا كَانَ هَذَا من قبل أَن يشهر عِنْد النَّاس سرنا؟ قَالَت: يَا أَبَت وَالله مَا الَّذِي رَأَيْت مني لمكروه، وَلَكِنِّي أعلم أَنكُمْ تأتون بشرا يُخطئ ويصيب، فَلَا آمن أَن يسمني ميسماً يكون على عاراً فِي الْعَرَب، قَالَ لَهَا: فَإِنِّي سأمتحنه قبل الْمَسْأَلَة بِشَيْء، وصفر لفرس لَهُ فأدلى ثمَّ أَخذ حَبَّة بر فَأدْخلهَا فِي إحليلة ثمَّ أوكى عَلَيْهَا بسير، وَتَركه حَتَّى إِذا وردوا على
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute