للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ بَعضهم: صليت الْغَدَاة فِي مَسْجِد باهلة بِالْبَصْرَةِ، فَقَامَ أَعْرَابِي فَسَأَلَ، فَأمر لَهُ إنسانٌ مِنْهُم بِرَغِيفَيْنِ فرآهما صغيرين رقيقين، فَلم يأخذهما، وَمضى، وَجَاء برغيفٍ كبيرٍ حسنٍ فَقَالَ لباهلة: استفحلوا هَذَا الرَّغِيف لخبزكم فَلَعَلَّهُ ينجب. دخل أَعْرَابِي الْحمام وَفِيه نبطي، فَبَال الْأَعرَابِي وضرط، فَقَالَ النبطي: باسم هان الله، قَالَ الْأَعرَابِي: يَا ابْن الخبيثة، فِيكُم ضراطي، أحسن من سبيحك. قَرَأَ إِمَام فِي صلَاته: " إِذا الشَّمْس كورت " فَلَمَّا بلغ إِلَى قَوْله: " فَأَيْنَ تذهبون " أرتج عَلَيْهِ، فَجعل يُرَدِّدهَا وَكَانَ خَلفه أَعْرَابِي مَعَه جرابه، فَلَمَّا طَال عَلَيْهِ الْأَمر، وَلم يكن ينبعث. تقدم الْأَعرَابِي فصفعه بالجراب، وَقَالَ: أما أَنا فَإِنِّي كلواذي، وَهَؤُلَاء الكشاخنة لَا أَدْرِي أَيْن يذهبون. {أَبُو زيد: قلت لأعرابي: أَتَقْرَأُ من الْقُرْآن شَيْئا؟ قَالَ: مَا أنْشد مِنْهُ حرفا. تفاخر قوم بكبر الأيور، فَقَالَ أَعْرَابِي حضرهم: لَو كَانَ ذَلِك فخراً، لَكَانَ الْبَغْل من قُرَيْش. سَأَلَ أَعْرَابِي عَن أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَذكرُوا لَهُ، حَتَّى انْتَهوا إِلَى ذكر مُعَاوِيَة فَقَالُوا: إِنَّه كَانَ كَاتبه، فَقَالَ: أَفْلح وَرب الْكَعْبَة، فَإِن الْأُمُور بيد الْكَاتِب. سمع أَعْرَابِي قَوْله تَعَالَى: " وَفِي السَّمَاء رزقكم وَمَا توعدون " فَقَالَ: وَأَيْنَ السّلم؟} وَقَرَأَ بَعضهم فِي صلَاته: إِنَّا بعثنَا نوحًا فَقيل لَهُ: إِنَّمَا هُوَ أرسلنَا، فَقَالَ: مَا بَينهمَا إِلَّا لجاجك.

<<  <  ج: ص:  >  >>