للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشرب وَعِنْده كلب، فَقلت لَهُ: أتنادم كَلْبا؟ قَالَ: نعم، يَمْنعنِي أَذَاهُ ويكف عني أَذَى سواهُ، يشْكر قليلي، ويحفظ مبيتي، ومقيلي وعقيلي. وَأنْشد: وأشرب وحدي من كَرَاهِيَة الْأَذَى ... مَخَافَة شرٍ أَو سباب لئيم وَكَانَ آخر يشرب وَحده، وَكَانَ مدمناً للشُّرْب، وَكَانَ إِذا جلس وضع بَين يَدَيْهِ صراحية الشَّرَاب، وصراحية فارغة، ثمَّ يصب الْقدح ويشربه، وَيَقُول للصراحية الفارغة: هَذَا سروري بك، ثمَّ يصب الْقدح ويشربه، وَيَقُول للصراحية الفارغة: هَذَا سروري بك، ثمَّ يصب الْقدح ويشربه، وَيَقُول للصراحية: هَذَا سرورك بِي، ويصبه فِيهَا، وَيكون هَذَا دأبه إِلَى أَن يسكر. حضر بعض التُّجَّار مجْلِس شرب فَجعل يسْرع فِي النَّقْل فَقَالَ بعض الظراف: هَذَا يشرب النَّقْل، وينتقل بالنبيذ. قَالَ بَعضهم: لَيْسَ يقوم سكر العشى بمكروه خمار الْغَدَاة، فَقَالَ آخر: لَوْلَا سرُور خمار الْغَدَاة، لم أحتمل سكر الْعشي. قَالَ بَعضهم: رَأَيْت أَبَا نواس يضْحك من سَكرَان، فَقَالَ: مَا رَأَيْت سكراناً قبله. قيل: وَكَيف ذَلِك؟ قَالَ: لِأَنِّي كنتُ أسكر قبل النَّاس، وَلَا أعلم مَا يكون حَالهم. قَالَ: رَأَيْت سكراناً قد وَقع فِي الطين وَهُوَ يَصِيح وَيَقُول: رحم الله من أَخذ بيَدي، وَله أبنة فِي مثل حالتي، وَهُوَ يرى حَاله، حَال نعْمَة. حمل آخر على قفا حمال ليَرُدهُ إِلَى منزله، فَسَأَلَ النَّاس الْحمال، وَقَالُوا: مَا هَذَا؟ فَرفع السَّكْرَان رَأسه وَقَالَ: بقيةٌ مِمَّا ترك آل مُوسَى، وَآل عمرَان، تحمله الْمَلَائِكَة. قَالَ بَعضهم: مر بِنَا سَكرَان فَسلم، فَلم نرد عَلَيْهِ، فَحل مِئْزَره ليبول وَسطنَا، فَقيل لَهُ: مَا تصنع؟ وَيلك {قَالَ: مَا ظَنَنْت أَنا هَاهُنَا إِنْسَان} . تقدم سَكرَان فصلى بِقوم، فَلَمَّا سجد نَام فِي سُجُوده، فحركوه فأنتبه، وَقَالَ: الْقدح لَيْسَ هُوَ لي. وَصلى الْوَلِيد بن عقبَة وَهُوَ أَمِير الْكُوفَة بِالنَّاسِ صَلَاة الْفجْر أَربع رَكْعَات، وَقَرَأَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>