للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما دنياي فَكَمَا ترَوْنَ، وَأما الْآخِرَة فَإِن دخلت الْجنَّة فَلم أطمع أَن أكون مَعَ أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ، وَإِن دخلت النَّار، لم أطمع أَن أكون مَعَ مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان {} استرث رجل حَال بِي هفان فَقَالَ لَهُ: مَا شَأْنك قَالَ: لَا أَدْرِي: إِمَّا أَن أكون عِنْد الله فِي عداد الْمَوْتَى، أَو تكون الْمَلَائِكَة تسرق لذتي. كَانَ نعْمَان أحد ولد الْفضل بن نعْمَان مَاجِنًا ذَا نَوَادِر، فَقَالَ لَهُ جماعةٌ من أَصْحَابه، هَذَا شهر رَمَضَان فَمن يُصَلِّي بالجيران التَّرَاوِيح؟ فَقَالَ كل وَاحِد مِنْهُمَا: لَيْسَ فِينَا من ينشط لذَلِك قَالَ: نعم. فالعبوا بالنرد إِحْدَى عشرَة فصلة ترويحتين فَمن تقمر صلى ترويحتين، ثمَّ ألعبوا أبدا حَتَّى يفرغوا من عداد التَّرَاوِيح حَتَّى لَا يَقع على وَاحِد مِنْهُم خيف. كَانَ بعض المجان لَا يَصُوم تَطَوّعا إِلَى يَوْم الْأَرْبَعَاء، فعوتب على ذَلِك فَقَالَ: أصومه رَحْمَة لَهُ، لِأَنِّي لَا أجد أحدا يَصُومهُ. أكل بَعضهم سمكًا كثيرا ففلج فَلَمَّا كَانَ من الْغَدَاء اشْتهى اللَّبن والسمك. فَقَالُوا لَهُ: أبده الله فِي نَفسك فَقَالَ: تخافون أفلج مرّة أُخْرَى. قَالَ بَعضهم: مَرَرْت بشيخ يَأْكُل فِي شهر رَمَضَان جهاراً فَقلت لَهُ، أما تتقي الله؟ فَقَالَ: لست مرائياً، عافاك الله. قيل لبَعْضهِم: رُوِيَ فِي الحَدِيث: أَن الله إِنَّمَا رزق الأحمق ليعلم الْعَاقِل أَنه لَا يجر إِلَى نَفسه بعقله شَيْئا. فَقَالَ: كَانَ يَكْفِي إِنْسَان وَاحِد للأنموذج. قَالَ بعض الظرفاء لصديق لَهُ. أَنْت عِنْدِي غَدا، فَقَالَ: تقَوِّي ظَهْري برقعة. أشرف قوم كَانُوا فِي سفينة على الْهَلَاك، فَأخذُوا يدعونَ الله بالنجاة ويتضرعون ورجلٌ فيهم ساكتٌ لَا يتَكَلَّم فَقَالُوا لَهُ: لم لَا تَدْعُو أَنْت أَيْضا؟ فَقَالَ: هُوَ مني إِلَى هَاهُنَا وَأَشَارَ إِلَى أَنفه، وَإِن تَكَلَّمت، غرقكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>