للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَيْسَ فيهم، وَكَانَ أَبُو هفان عبدياً، وَعبد قيس تعير بالفسو. وَقَالَ مرّة لأبي هفان: وَالله لَئِن ضرطت عَلَيْك ضرطة لأبلغنك فِيهَا إِلَى فِيهِ فِي دفعةٍ. فَقَالَ: الله الله يَا مولَايَ، زِدْنِي أُخْرَى، وَبَلغنِي مَكَّة فَإِنِّي صرورة. فضرط عَلَيْهِ ضرطة أصعقت أَبَا هفان، ورجي عَلَيْهَا بِالْقُرْآنِ مَا تذر من شَيْء أَتَت عَلَيْهِ إِلَّا جعلته كالرميم، وَقَالَ أَبُو هفان: يَا سَيِّدي، ردني من الثعلبية فقد كفاني {} وَقَالَ الْمَأْمُون لحاتم الريش وَكَانَ ضراطاً: أَنْت أَمِير الضراطين، وَقَالَ: أَنا أوسع مِنْك سُلْطَانا إِذن، لِأَن الْإِيمَان خَاص، والضراط عَام. وَقَالَ لَهُ مرّة: يَا حَاتِم أَيْن بلغ ابْنك؟ فَقَالَ: أول مَا فسا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ! دخل أَعْرَابِي إِلَى الْحجَّاج فَجعل يشكو إِلَيْهِ جَدب السّنة فَبينا هُوَ مفرط فِي ذَلِك إِذْ ضرط فَقَالَ: أصلح الله الْأَمِير، وَهَذِه أَيْضا من بلية هَذِه السّنة. فَضَحِك وَأَجَازَهُ. وَخَاصم آخر خصما لَهُ بَين يَدي بعض الْوُلَاة، فَغَضب أَحدهمَا وأزرى على صَاحبه فِي الْكَلَام، فَبينا هُوَ على تِلْكَ الْحَال حَتَّى ضرط، فَقَالَ: وَهَذِه أَيْضا فِي لحيتك. قيل للمنصور وَكَانَ مَرِيضا: إِن فلَانا ضرط فِي مجْلِس فَتنبه فَقَالَ: ذَلِك فضل الله يؤتيه من يَشَاء. كَانَ بالأهواز عاملٌ أَصمّ، وَكَانَ يضرط فِي مَجْلِسه، ويحسب أَنه يفسو، فضرط مرّة بَين أهل عمله وَبَين يَدَيْهِ كَاتب لَهُ، فَأخذ كَاتبه رقْعَة وَكتب فِيهَا: أصلح الله الْأَمِير إِن هَذَا الَّذِي يخرج ضراط يسمع، وَهُوَ يرى أَنه فسَاء يخفى، فَإِن رأى أَن يمسك، فعل إِن شَاءَ الله. فَوَقع فِي حَاشِيَته: إِنَّمَا استكفيناك أَمر خراجنا، وَلم نصدرك على ضراطنا، فتغافل كَمَا تغافل الْقَوْم، فَأَنت واحدٌ مِنْهُم.

<<  <  ج: ص:  >  >>