للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل لأفلاطون: مَا الشَّيْء المعزّي للنَّاس على مصائبهم؟ فَقَالَ: أما للْعُلَمَاء فعلمهم بِأَنَّهَا اضطرارية، وَأما لسَائِر النَّاس فتأسِّي الْحسن. قَالَ بَعضهم: لَا شَيْء أنفس من الْحَيَاة، وَلَا غبن أعظم من إنفادها لغير حَيَاة الْأَبَد. قَالَ آخر للإسكندر: إِذا كَانَ سر الْملك عِنْد اثْنَيْنِ دخلت على الْملك الشُّبْهَة، واتسعت على الرجلَيْن المعاريض فَإِن عاقبهما عاقب اثْنَيْنِ بذنب وَاحِد، وَإِن اتهمهم اتهمَ بَرِيئًا بِجِنَايَة مجرم. وَإِن عَفا عَنْهُمَا كَانَ الْعَفو عَن أَحدهمَا وَلَا ذَنْب لَهُ، وَعَن الآخر وَلَا حجَّة عَلَيْهِ. قيل لآخر: مَا الْعقل؟ قَالَ: الْإِصَابَة بِالظَّنِّ، وَمَعْرِفَة مَا لم يكن بِمَا كَانَ. قَالَ أرسطاطاليس: العاقلُ يُوَافق العاقلَ، والجاهلُ لَا يُوَافق العاقلَ وَلَا الجاهلَ، وَمِثَال ذَلِك المستقيمُ الَّذِي ينطبق على الْمُسْتَقيم، فَأَما المعوُّج فَإِنَّهُ لَا ينطبق على المعوجِّ وَلَا على الْمُسْتَقيم. نظر سقراط إِلَى السَّيْل، وَقد حمل امْرَأَة، فَقَالَ: زَادَت الكدر كدرا وَالشَّر بِالشَّرِّ يهْلك. طلب أهل يونان رجلا للْملك بعد موت ملك لَهُم، فاسموا بِوَاحِد فَقَالَ فيلسوف لَهُم: لَا يصلح هَذَا للْملك. فَقَالُوا: وَلم؟ قَالَ: هُوَ كثير الْخُصُومَة، فَلَيْسَ يَخْلُو فِي خصومته أَن يكون ظَالِما أَو مَظْلُوما، والظالم لَا يصلح للْملك لظلمه، والمظلوم أَحْرَى أَلا يصلح لضَعْفه، فَقَالُوا لَهُ: صدقت، أَنْت أولى مِنْهُ، وملكوه. قيل لبَعْضهِم: إِن فلَانا يَحْكِي عَنْك كل سوء، فَقَالَ: لِأَنَّهُ لَا يَهْتَدِي إِلَى الْخَيْر فيحكي. قيل لبَعْضهِم، وَكَانَ مَحْبُوسًا: أَلا تكلم الْملك فِي إطلاقك؟ قَالَ: لَا، قيل: وَلم؟ قَالَ: لِأَن الْفلك أحدُّ، والفضاء أجد، من أَن تبقى حَال على حد. قَالَ اٌسكندر لما قتل دَارا: قَاتل دَارا لَا يبْقى.

<<  <  ج: ص:  >  >>