للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل لفيلسوف: مَا بَال الثَّمَرَة غشاؤها هر الْمَأْكُول مِنْهَا والنواة فِي جوفها، والجوزة بِخِلَاف ذَلِك؟ قَالَ: لم تكن الْعِنَايَة بِمَا يُؤْكَل فِي حَال الْأكل، إِنَّمَا كَانَت الْعِنَايَة بِبَقَاء النَّوْع، فَحفِظت النواة بالغشاء، والجوزة بالقشرة. قَالَ بقرط: سلوا الْقُلُوب عَن المودات فَإِنَّهَا شُهُود لَا تقبل الرشى. قَالَ رجل للإسكندر: إِن الْعَسْكَر الَّذِي فِيهِ دَارا كثير، فَقَالَ الْإِسْكَنْدَر: إِن الْغنم وَإِن كثرت تذل لذئب وَاحِد. وَرَأى الْإِسْكَنْدَر سمياً لَهُ لَا يزَال ينهزم فِي الحروب، فَقَالَ: أَيهَا الرجل، إِمَّا أَن تغير فعلك، وَإِمَّا أَن تغير اسْمك. رأى فيلسوف مَدِينَة حَصِينَة بسور مُحكم فَقَالَ: هَذَا مَوضِع النِّسَاء لَا مَوضِع الرِّجَال. جَاءَ بعض الكلبيين، وَهُوَ جنس من اليونانيين، إِلَى الْإِسْكَنْدَر فَقَالَ: هَب لي مِثْقَالا وَاحِدًا، فَقَالَ الْإِسْكَنْدَر: لَيْسَ هَذَا عَطاء ملك، قَالَ: فَهَب لي قِنْطَارًا. فَقَالَ الْإِسْكَنْدَر: لَيْسَ هَذَا سُؤال كلبيّ. أُشير على الْإِسْكَنْدَر بالبيات فِي بعض الحروب فَقَالَ: لَيْسَ من آيين الْمُلُوك استراق الظفر. قيل لأرسطاطاليس: مَا بَال الحسدة يَحْزَنُونَ أبدا؟ فَقَالَ: لأَنهم لَا يَحْزَنُونَ لما ينزل بهم من الشَّرّ فَقَط، بل لما ينَال النَّاس أَيْضا من الْخَيْر. وَقَالَ: الإفلال حصن للعاقل من الرذائل، وَطَرِيق إِلَيْهَا للجاهل. قيل لفيلسوف: مَا صناعَة الْخَطِيب؛ قَالَ: أَن يعظِّم شَأْن الْأَشْيَاء الحقيرة، ويصغِّر شَأْن الْأَشْيَاء الْعَظِيمَة. قَالَ آخر: الدُّنْيَا لذات مَعْدُودَة: مِنْهَا لَذَّة سَاعَة، وَلَذَّة يَوْم، وَلَذَّة ثَلَاثَة، وَلَذَّة شهر، وَلَذَّة سنة، وَلَذَّة الدَّهْر، فَأَما لَذَّة سَاعَة فالجماع، وَأما لَذَّة يَوْم فمجلس شراب، وَأما لَذَّة ثَلَاثَة فلين الْبدن بعد الاستحمام، وَأما لَذَّة شهر فالفرح بالعرس، وَأما لَذَّة سنة بالفرح بالمولود الذّكر، وَأما لَذَّة الدَّهْر فلقاء الإخوان مَعَ الْجدّة.

<<  <  ج: ص:  >  >>