للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ آخر: الشُّكْر مُحْتَاج إِلَى الْقبُول، والحسب مُحْتَاج إِلَى الْأَدَب، وَالسُّرُور مُحْتَاج إِلَى الْأَمْن، والقرابة محتاجة إِلَى الْمَوَدَّة، والمعرفة محتاجة إِلَى التجارب، والشرف مُحْتَاج إِلَى التَّوَاضُع، والنجدة محتاجة إِلَى الْجد. قَالَ رجل لسقراط، وَرَآهُ يَأْكُل العشب: لَو خدمت الْملك لم تحتج أَن تَأْكُل الْحَشِيش، فَقَالَ لَهُ: لَو أكلت الْحَشِيش لم تحتج أَن تخْدم الْمُلُوك. قَالَ بَعضهم لوَلَده يحثهم على الْكسْب: لَا تتكلوا على البخت؛ فَإِنَّهُ رُبمَا لم يكن وَرُبمَا كَانَ وَذهب، فَأَما الْحسب فرأيته بلَاء على أَهله، فَإِنَّهُ يُقَال للناقص: هَذَا ابْن فلَان فيتضاعف غمه وعاره، وَلَو لم يكن فِي الْعلم إِلَّا أَن الْعَالم يكرم وَإِن لم يكْسب لكفاه. حُكيَ عَن الْإِسْكَنْدَر أَنه لما احْتضرَ كتب إِلَى أمه وَهِي بالإسكندرية: إِذا قَرَأت كتابي يَا أمه فاصنعي طَعَاما كثيرا وأطعميه للنَّاس، وَلَا تطعمي مِنْهُ إِلَّا من لم تصبه مُصِيبَة، فَعرفت مَوته. قَالَ بَعضهم لسقراط: ذكرتك لفُلَان فَلم يعرفك، فَقَالَ: لَا يضرني أَلا يعرفنِي هُوَ، ويضره أَلا يعرفنِي وَلَا أعرفهُ، لِأَنِّي لَا أعنى بِمَعْرِِفَة خسيس، وَلَا يجهل مثلي إِلَّا خسيس. قيل لبَعْضهِم: مَا بالكم لَا تأنفون من التَّعَلُّم من كل أحد؟ قَالَ: لأَنا قد علمنَا أَن الْعلم نَافِع من حَيْثُ أُصِيب. قيل لآخر أَلا تخوض مَعنا فِي حديثنا؟ فَقَالَ: الْحَظ للمرء فِي أُذُنه، والحظ فِي لِسَانه لغيره. قيل لآخر: أَي الْحَيَوَان لَا يشْبع؟ قَالَ: الَّذِي يربح. قيل لأفلاطون: مَا بالكم إِذا أصبْتُم الشَّيْء الَّذِي يسركم تسرون بِهِ، وَإِذا أَصَابَكُم الشَّيْء الَّذِي يغم لم يغمكم؟ قَالَ: لِأَن الشَّيْئَيْنِ جَمِيعًا إِمَّا أَن يتركانا أَو نتركهما. وَقيل لَهُ: فلَان يخضب بِالسَّوَادِ، فَقَالَ: لِأَنَّهُ يكره أَن يُؤْخَذ بحنكة الشَّيْخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>