للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل لأرسطاطاليس: مَا بَال الحسدة يَحْزَنُونَ أبدا؟ قَالَ: لأَنهم لَا يَحْزَنُونَ لما ينزل بهم من الشَّرّ فَقَط، بل لما ينَال النَّاس من الْخَيْر أَيْضا. وَقَالَ: " كَيفَ يَرْجُو الْعقل النجاه، والهوى والشهوة قد اكتنفاه ". قَالَ الْإِسْكَنْدَر لبَعض حكماء بابل: أوصني، فَقَالَ: " لَا تكْثر الْقنية فَإِنَّهَا ينبوع الأحزان ". قَالَ سقراط إِذا كَانَ الْعَالم غير معلم قل غناء علمه كَمَا يقل غناء المكثر الْبَخِيل. وَقَالَ أرسطاطاليس: يمْنَع الْجَاهِل أَن يجد ألم الْحمق المستقر فِي قلبه مَا يمْنَع السَّكْرَان من أَن يجد مس الشَّوْكَة تدخل فِي يَده. كَانَ سقراط يَقُول: " الْقنية مخدومة وَمن خدم غير نَفسه فَلَيْسَ بَحر ". وَقيل لَهُ: بِأَيّ خصْلَة تتفضل على أهل زَمَانك؟ فَقَالَ: بِأَن غرضهم فِي الْحَيَاة أَن يَأْكُلُوا، وغرضي فِي الْأكل أَن أَحْيَا. تزوج بَعضهم امْرَأَة نحيفة، فَقيل لَهُ فِي ذَلِك، فَقَالَ: اخْتَرْت من الشَّرّ أَقَله. وَقيل لآخر أَرَادَ سفرا: تَمُوت فِي الغربة، فَقَالَ: لَيْسَ بَين الْمَوْت فِي الوطن وَالْمَوْت فِي الغربة فرق؛ لِأَن الطَّرِيق إِلَى الْآخِرَة وَاحِد. رأى أفلاطون مُدعيًا للصراع - وَلم يكن صرع أحدا قطّ - تحول طَبِيبا، فَقَالَ: الْآن أحكمت الصراع، يتهيأ لَك أَن تصرع من شِئْت. وصف للإسكندر حسن بَنَات دَارا وجمالهن، فَقَالَ: من الْقَبِيح أَن نغلب رجال قوم، ويغلبنا نِسَاؤُهُم. تحاكم إِلَى الْإِسْكَنْدَر رجلَانِ من أَصْحَابه فَقَالَ لَهما: الحكم يُرْضِي أَحَدكُمَا ويسخط الآخر، فاستعملا الْحق ليرضيكما جَمِيعًا. قَالَ سقراط: " الْعَامَّة إِذا رَأَتْ منَازِل الْخَاصَّة حسدتها عَلَيْهَا، وتمنت أَمْثَالهَا، فَإِذا رَأَتْ مصارعها تُدالها ". وَقَالَ: " الْعَفو يفْسد من اللَّئِيم بِقدر مَا يصلح من الْكَرِيم ".

<<  <  ج: ص:  >  >>