للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَيْسَ الْعَدو بموثوق بِهِ، وَلَا مفتقر إِلَيْهِ، وَإِن أظهر جميلا؛ فَإِن المَاء لَو أطيل إسخانه لم يمنعهُ ذَلِك من إطفاء النَّار إِذا صبّ عَلَيْهَا. تَقول الْهِنْد: الشَّارِب تعتريه أَربع أَحْوَال: تعتريه أَولا طاوسيّة، ثمَّ قردية، ثمَّ سبعية، ثمَّ خنزيرية. وَفِي بعض كتبهمْ: الْكِرَام أَصْبِر نفوسا، واللئام أَصْبِر أبدانا. قَالُوا: شرّ السُّلْطَان من خافه البريئ، وَشر الْبِلَاد مَا لَيْسَ لَهُ خصب وَلَا أَمن، وَشر الإخوان الخاذل، وَشر المَال مَا لَا ينْفق مِنْهُ. وَقَالُوا: من التمس الرُّخْصَة من الإخوان عِنْد المشورة، وَمن الْأَطِبَّاء عِنْد الْمَرَض وَمن الْفُقَهَاء عِنْد الشُّبْهَة، أَخطَأ الرَّأْي، وازداد مَرضا، وحُمّل الْوزر. الحازم يحذر عدوّه على كل حَال، يرهب المواثبة إِن قرب والغارة إِن بعد، والكمين إِن انْكَشَفَ، والاستطراد إِن ولّى، وَالْمَكْر إِن رَآهُ وحيدا، وَيكرهُ الْقِتَال مَا وجد مِنْهُ بُدّاً، لِأَن النَّفَقَة فِيهِ من الْأَنْفس، وَالنَّفقَة فِي غَيره من المَال. جَانب الموتور وَكن أحذر مَا تكون مِنْهُ، ألطف مَا يكون بك، فَإِن السَّلامَة بَين الْأَعْدَاء وَحْشَة بَعضهم من بعض، وَمَعَ الأُنس والثقة حُضُور آجالهم. ثَلَاثَة أَشْيَاء لَا تُنال إِلَّا بارتفاع همّة، وعظيم خطر: عمل السُّلْطَان، وتجارة الْبَحْر، ومناجزة الْعَدو. بعض المقاربة حزم، وكل المقاربة عجز، كالخشبة المنصوبة فِي الشَّمْس، تُمال فيزيد ظلها، ويفرط فِي الإمالة فينقص الظل. لَيْسَ من خلة يمدح بهَا الْغَنِيّ إِلَّا وَالْفَقِير يُذم بهَا، فَإِن كَانَ شجاعاً قيل: أهوج، وَإِن كَانَ وقوراً قيل: بليد، وَإِن كَانَ لسناً قيل: مهذار، وَإِن كَانَ زمّيتاً قيل: عيّ. قَالُوا: لَا ثَنَاء مَعَ كبر. وَسِتَّة أَشْيَاء لَا ثبات لَهَا: ظلّ الْغَمَام، وخلّة الأشرار، وعشق النِّسَاء، وَالْمَال الْكثير، وَالسُّلْطَان الجائر، وَالثنَاء الْكَاذِب.

<<  <  ج: ص:  >  >>