للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرجع، فَلَمَّا دخلا على شيرويه أَخذ الصُّورَة فوضعها على وسادته، وَقَالَ للزاجر: مَا زجرت، قَالَ: لم أر هُنَاكَ شَيْئا أزْجر عَلَيْهِ وَقد زجرت هَا هُنَا، وَالرجل قاهر، مظفّر، وَذَلِكَ أَنَّك أخذت صورته فَوَضَعتهَا على وِسَادَتك. قيل: لما توارى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يُرِيد الْهِجْرَة خرجت قُرَيْش بمعقل ابْن أبي كرز الْخُزَاعِيّ، فوجدوا أَثَره، عَلَيْهِ السَّلَام، فَقَالَ معقل: لم أر وَجه مُحَمَّد قطّ، وَلَكِن إِن شِئْتُم ألحقت لكم هَذَا الْأَثر؟ قَالُوا: قل. قَالَ: هُوَ من الَّذِي فِي مقَام إِبْرَاهِيم فَبسط أَبُو سُفْيَان بن حَرْب ثَوْبه عَلَيْهِ وَقَالَ: قد خرفت، وَذهب عقلك. قَالَ: والقافة بَنو كرز من خُزَاعَة، وهم أفوف النَّاس. قَالَ: اخْتلف رجلَانِ من الْقَافة يَوْم الصَّدْر فِي أثر بعير فِيمَا بَين مَكَّة وَمنى، فَقَالَ أَحدهمَا: جمل، وَالْآخر: نَاقَة. فاتّبعا الْأَثر، يَبْدُو مرّة وَيخْفى أُخْرَى، فَلم يَزَالَا كَذَلِك حَتَّى دخلا شعب بني عَامر، فَإِذا بعير وَاقِف، فاستدارا بِهِ، فَقَالَ أَحدهمَا لصَاحبه: أهوهو؟ قَالَ: نعم. فَنظر فَإِذا هُوَ خُنْثَى، وَقد أصابا جَمِيعًا. روى الْمَدَائِنِي: أَن عليا، عَلَيْهِ السَّلَام، بعث معقل بن قيس الرياحيّ من الْمَدَائِن فِي ثَلَاثَة آلَاف، وَأمره أَن يَأْخُذ على الْموصل، وَيَأْتِي نَصِيبين وَرَأس الْعين، حَتَّى يَأْتِي الرقّة فيقيم بهَا، فَسَار معقل حَتَّى نزل الحديثة، فَبينا معقل ذَات يَوْم جَالس إِذْ نظر إِلَى كبشين ينتطحان، حَتَّى جَاءَ رجلَانِ، وَأخذ كل وَاحِد مِنْهُمَا كَبْشًا فَذهب بِهِ. فَقَالَ شَدَّاد بن أبي ربيعَة الْخَثْعَمِي - وَكَانَ زاجراً - يَنْصَرِفُونَ من وجهكم هَذَا، لَا يغلبُونَ وَلَا تغلبون. قَالُوا: وَمَا علمك؟ قَالَ: أَو مَا رَأَيْت الكبشين انتطحا حَتَّى حُجز بَينهمَا، لَيْسَ لوَاحِد على صَاحبه فضل؟ . وَأخْبر، قَالَ: خرج زاجر يزْجر لغَائِب قد طَالَتْ غيبته، وَمَعَهُ تلميذ لَهُ، فتلقاهما قوم يحملون جَنَازَة، وَيَد الميّت على صَدره، فَقَالَ الزاجر للتلميذ: مَاتَ الرجل، فَقَالَ: لَا، مَا مَاتَ، أَلا ترى يَد الْمَيِّت على صَدره يُخبر أَنه هُوَ الْمَيِّت. وَالرجل حَيّ؟ فَرَجَعَا، وَقدم الْغَائِب.

<<  <  ج: ص:  >  >>