للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمَّ لَحِقَنِي آخر، وَهُوَ يَقُول: والشرّ يلقى مطالع الأكم ... قَالَ: ثمَّ لَقِيَنِي رجل قد ذهبت معالم وَجهه بالنَّار، فَقلت: هَل أحسست من نَاقَة؟ ووصفتها لَهُ. فَقَالَ: هَاهُنَا، وَأَشَارَ بِيَدِهِ، وَإِذا أَبْيَات، فأتيتهم فَوَجَدتهَا عِنْدهم. قَالُوا: خرج رجل فِي حَاجَة لَهُ، وَمَعَهُ سقاء من لبن فَسَار صدر يَوْمه ثمَّ عَطش، فَأَنَاخَ ليشْرب. فَإِذا غراب ينعب، فأثار رَاحِلَته ثمَّ سَار، فَلَمَّا أظهر أَنَاخَ ليشْرب، فنعب الْغُرَاب، فأثار رَاحِلَته ثمَّ سَار، فَلَمَّا عَطش أَنا خليشرب، فنعب الْغُرَاب وتمرّغ فِي التُّرَاب، فَضرب الرجل السقاء بِسَيْفِهِ فَإِذا فِيهِ أسود ضخم، فَمضى، فَإِذا غراب وَاقع على سِدْرَة، فصاح بِهِ، فَوَقع على سَلمَة، فصاح بِهِ، فَوَقع على صَخْرَة، فَانْتهى إِلَيْهَا، فأثار كنزاً وَذهب. فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى أَبِيه قَالَ لَهُ: إيه، مَا صنعت؟ قَالَ: سرت صدر يومي، ثمَّ أنخت لأشرب، فنعب الْغُرَاب. فَقَالَ أَثَره. قَالَ: أثرته. ثمَّ أنخت لأشرب، فنعب الْغُرَاب قَالَ: أَثَره. قَالَ أثرته. ثمَّ أنخت لأشرب فنعب الْغُرَاب وتمرّغ فِي التُّرَاب. قَالَ: اضْرِب السقاء وَإِلَّا فلست بِابْني. قَالَ: فعلت، فَإِذا أسود ضخم. قَالَ: ثمَّ مَه؟ قَالَ: ثمَّ رَأَيْت غراباً وَاقعا على سِدْرَة. قَالَ: أطره وَإِلَّا فلست بِابْني. قَالَ: أطرته، فَوَقع على سَلمَة. قَالَ: أطره وَإِلَّا فلست بِابْني. قَالَ: فعلت، فَوَقع على صَخْرَة. قَالَ: أحذني يَا بني. قَالَ: أفعل، وأحذاه. قَالَ بَعضهم: كُنَّا مَعَ يزِيد بن الْوَلِيد، وَهُوَ متبدّ قبل خِلَافَته، فَخرج يَوْمًا لحَاجَة، ثمَّ رَجَعَ متغيراً، فَقَالَ: إِنِّي سَائِلكُمْ عَن نَفسِي فاصدقوني. قُلْنَا: مَا كُنَّا لنقول شَيْئا تكرههُ. فَقَالَ: أنْشدكُمْ الله إِلَّا قُلْتُمْ: هَل تعلمُونَ مني شؤماً؟ قُلْنَا: معَاذ الله، أَنْت أَيمن النَّاس نقيبة. قَالَ: فَإِن رجلا لَقِيَنِي فَقَالَ: يَا ذَا الْخَال، أَتَرَى هَذَا الْخَال الَّذِي بِوَجْهِك؟ قلت: لَا، وَأَنا وَالله أرَاهُ. قَالَ: لَو كنت ترَاهُ مَا كَانَ على وَجه الأَرْض أشأم مِنْك على أهل بَيته، وَمضى. قَالَ الْمَدَائِنِي: فَكَانَ كَمَا قَالَ. قُتل الْوَلِيد بن يزِيد، وَوَقع بأسهم بَينهم، وَذهب مُلكهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>