للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الشَّجَرَة، ثمَّ قَالَت: لَا تُصدقنّ بِمَا لَا يكون، ثمَّ قَالَت: يَا شقيّ، لَو ذبحتني لأخرجت من حوصلتي درّتين هما خير لَك من كنز. فعضّ على شَفَتَيْه متلهفاً، ثمَّ قَالَ: علميني الثَّالِثَة. فَقَالَت: أَنْت قد أُنسبت الثِّنْتَيْنِ، فَكيف أعلّمك الثَّالِثَة؟ ألم أقل لَك: لَا تتلهفنّ على مَا فاتك، وَلَا تُصدقنّ بِمَا لَا يكون؟ أَنا وريشي ولحمي لَا أكون زنة درّتين، فَكيف يكون فِي حوصلتي ذَاك؟ ثمَّ طارت فَذَهَبت. كَانَ أَبُو أَيُّوب الموريانيّ وَزِير الْمَنْصُور إِذا دَعَاهُ الْمَنْصُور يُصفرّ ويرعد مَعَ مَكَانَهُ مِنْهُ، ومحلّه عِنْده - فَقيل لَهُ فِي ذَلِك. فَقَالَ: - مثلي ومثلكم فِي هَذَا مثل باز وديك تناظرا، فَقَالَ الْبَازِي: مَا أعرف أقل وَفَاء مِنْك. قَالَ: وَكَيف؟ قَالَ: تُؤْخَذ بَيْضَة، فيحضنك أهلك وَتخرج على أَيْديهم، فيطعمونك بأكفهم، ويحسنون إِلَيْك، حَتَّى إِذا وجدت مِنْهُم غَفلَة طرت، وَصحت وعلوت الْحِيطَان، وَفَارَقت الدَّار الَّتِي كَبرت فِيهَا إِلَى غَيرهَا، وَأَنا أوخذ من الْجبَال، فأوثق، وتُحاط عينيّ، وأُطعم الشَّيْء الْيَسِير، وأؤنس يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ، ثمَّ أُطلق على الصَّيْد، فأطير وحدي، وَآخذه لصاحبي، وأُمسكه عَلَيْهِ، وأعود إِلَى مَكَاني. فَقَالَ لَهُ الديك: ذهب عَلَيْك الصَّوَاب، أَنْت وَالله لَو رَأَيْت على السَّفَافِيد من البزاة الْيَسِير من الْكثير الَّذِي أرَاهُ من الديكة، مَا عدت عَلَيْهِم قطّ - وَلَكِن لَو عَرَفْتُمْ من الْمَنْصُور مَا أعرفهُ لكنتم أَسْوَأ حَالا مني عِنْد طلبه لكم. وَقَالَ الثَّعْلَب: إِذا كَانَ البخت مُقبلاً كَانَ الْكَرم حَامِلا، وحافظ الْكَرم نَائِما، وَالنّهر مادّا، وَالْقَمَر زاهرا. وَقَالُوا: لَو كَانَ عِنَب الثَّعْلَب حُلواً مَا تركته الثعالب فِي الصحارى.

<<  <  ج: ص:  >  >>