للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ بَعضهم: رَأَيْت مُؤذنًا قد أذن ثمَّ عدا، فَقلت لَهُ: إِلَى أَيْن؟ فَقَالَ: أحب أَن أسمع أذاني من بعيد. وَفعل آخر مثل ذَلِك، فَسئلَ عَنهُ فَقَالَ: أردْت أَن أنظر إِلَى أَيْن يبلغ أذاني؟ . قَالَ: وَرَأَيْت مُؤذنًا يُؤذن من رقْعَة من فِي يَده، فَسَقَطت الرقعة واحتملها الرّيح، فَجعل يعدو وَيَقُول: خُذُوا أذاني، خُذُوا أذاني. قَالَ: وَرَأَيْت آخر يُؤذن من رقْعَة، فَقلت لَهُ: لم لَا تحفظه؟ فَقَالَ: لَا أَدْرِي، وَلَكِن سل القَاضِي. فَجئْت إِلَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِد، فَدخلت وسلّمت عَلَيْهِ. فَعدا إِلَى بَيته وَأخرج دفتراً وتصفّحه ثمَّ قَالَ: وَعَلَيْك السَّلَام. فعذرت الْمُؤَذّن لما رَأَيْت سخنة عين القَاضِي. بَينا إِمَام يُصَلِّي بِقوم التَّرَاوِيح فِي شهر رَمَضَان، وَهُوَ يقْرَأ سُورَة يُوسُف، إِذْ عرضت لَهُ فِي بَطْنه ريح، وَقد كَانَ بلغ قَوْله تَعَالَى: " قَالَت امْرَأَة الْعَزِيز " وقدّر أَنه قد غلط فَرَكَعَ، وأفلتت مِنْهُ ضرطة عَظِيمَة، فَقَالَ وَاحِد من خَلفه: " الْآن حصحص الْحق ". وأحدث إِمَام فِي الصَّلَاة، فَتَأَخر وَقدم رجلا، وَذهب يجدد الْوضُوء، فقدّر الإِمَام الثَّانِي أَنه لَا يجوز أَن يصلّي لَهُ، فَوقف ينْتَظر صَاحبه، فَلَمَّا طَال قِيَامه تنحنحوا من خَلفه، فَالْتَفت إِلَيْهِم وَقَالَ: مالكم؟ إِنَّمَا قدمني رجل فَأَنا أحفظ مَكَانَهُ إِلَى أَن يرجع وَيعْمل مَا يرى. وَقيل ليونس النَّحْوِيّ - وَكَانَ لَهُم إِمَام يقنت ويطيل -: يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن، لَو قلت لإمامنا: يُخفف من قنوته؟ فَقَالَ: قد سَأَلته فَلم يفعل. قَالُوا: فَهَل عنْدك من الدُّعَاء مَا تَدْعُو بِهِ فِي طول قِيَامه؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنِّي إِذا فرغت من دعائي لم أزل أَدْعُو عَلَيْهِ حَتَّى يرْكَع. قَرَأَ إِمَام فِي الصَّلَاة سُورَة القارعة، فَلَمَّا بلغ قَوْله تَعَالَى: " وَأما من خفّت مَوَازِينه. فأمه هاوية " قَالَ: فأمه زَانِيَة. فَقطع الْقَوْم صلَاتهم، وأنكروا ذَلِك. فَقَالَ: يَا قوم، تَمْنَعُونِي من شتم الْكفَّار؟ !

<<  <  ج: ص:  >  >>