ابْن رقيع يركب مَعَ أُمَرَاء الْبَصْرَة، يضْرب الصوالجة، ويدّعي الفروسية ويحتل مَكَان أَبِيه، إِلَى أَن ورد عَلَيْهِم أَمِير غَرِيب، فَركب مَعَه على عَادَته، وتبرّم الْأَمِير بِهِ، فَتقدم إِلَى حَاجِبه بتنفيره. فَتقدم الْحَاجِب إِلَى أَصْحَاب الغواشي فَدَارُوا عَلَيْهِ دورةً، وَأخذت الغواشي قَفاهُ فهرب وَعَاد إِلَى منزله، وَسبق الْخَبَر إِلَى أَبِيه. وَكَانَ يصلّي الابْن بِأَبِيهِ وَأَصْحَابه، فَلَمَّا حَان وَقت الصَّلَاة وابتدأ بالركعة الأولى، فَقَرَأَ فَاتِحَة الْكتاب، ثمَّ ابْتَدَأَ فَقَرَأَ " هَل أَتَاك حَدِيث الغاشية "؟ وتذكر الْقِصَّة فأُرتج عَلَيْهِ، فَأَعَادَ ذَلِك ثَلَاث مَرَّات، فصاح أَبوهُ من خَلفه: نعم، قد أَتَانِي حَدِيث الغاشية، مَا تتخلف. مرّ فِي صَلَاتك. اخْتصم بعض التُّجَّار فِي جَارِيَة، فجعلوها على يَدي الْمُؤَذّن وسألوه أَن تبيت عِنْده إِلَى غَد، فَلَمَّا أصبح الْمُؤَذّن قَالَ: ذهبت الْأَمَانَة من النَّاس. فَقيل لَهُ: وَكَيف ذَلِك؟ قَالَ: ذكرُوا أَنَّهَا بكر، وَقد جرّبتها فَوَجَدتهَا ثيّباً. صعد وَكِيع بن أبي سود الْمِنْبَر بخراسان، فَقَالَ فِي خطبَته: إِن الله تَعَالَى يَقُول فِي كِتَابه: لَيْسَ شَيْء على الْمنون بباق ... غير وَجه المسبّح الخلاق فَقَالَ لَهُ رجل: أصلح الله الْأَمِير، هَذَا شعر قَالَه عديّ بن زبد. قَالَ: أحسن - وَالله - عدي وأجمل، ثمَّ قَالَ: فَتى حروب لَا فَتى مَنَابِر. وَولي آخر الْيَمَامَة، فَلَمَّا صعد الْمِنْبَر أُرتج عَلَيْهِ، فَقَالَ: حيّا الله هَذِه الْوُجُوه السارّة، وَجَعَلَنِي فداءها، قد أمرت طائفي بِاللَّيْلِ لَا يرى أحدا إِلَّا أَتَانِي بِهِ وَلَو كنت أَنا، ثمَّ نزل. نظر رجل إِلَى آخر يُصلّي، فَقَالَ الآخر: مَا أحسن صلَاته! فَقطع الرجل الصَّلَاة وَقَالَ: وَأَنا مَعَ هَذَا صَائِم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute