فاستخر الله، فحجمه الأخدعين، وَأَعْطَاهُ دِينَارا وَأخرجه. فلقي أَخا لَهُ، فَقَالَ ذَلِك: كَانَ من الْأَمر كَذَا وَكَذَا، فَمر مبادراً، وَقَالَ مثل قَوْله، وَفعل مثل فعله حَتَّى حجمه على السَّاقَيْن، وَأخذ دِينَارا وَخرج. فلقي صهراً لَهُ فَأخْبرهُ بالقصة، فبادر مسرعاً حَتَّى صَار إِلَى بَاب الدَّار وَدخل، وَفعل مثل فعلهمَا، وَقَالَ: لَا بُد مَعَ حجامة السَّاقَيْن والأخدعين من قطع الجهارك. فَقَالَ الرجل: نعم، لَا أَدْرِي أيش ذَنبي إِلَيْكُم يَا بني القحاب، اجْلِسْ. فأجلسه وَقَامَ وَجلسَ فِي سمارية، وَانْحَدَرَ إِلَى دَار الْخَلِيفَة، فَلَمَّا رَآهُ الْحجاب يسْتَأْذن تعجبواودخلوا فَاسْتَأْذن لَهُ فَلَمَّا دخل انكب بَين يَدي الْخَلِيفَة فقبّل الأَرْض، ثمَّ قَالَ: يَا سَيِّدي، يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، اسْمَع قصتي وحالي، وقص عَلَيْهِ خبر الحجامين وَمَا لَقِي مِنْهُم، وَقَالَ: هَؤُلَاءِ أَوْلَاد القحاب هوذا، يَأْخُذُونَ دمي بالمحاجم، خُذْهُ أَنْت بِالسَّيْفِ دفْعَة وَاحِدَة، وارحمني مِمَّا أَنا فِيهِ. فَضَحِك، وَرجع لَهُ، ورده إِلَى منزله. جَاءَ حائك إِلَى الْأَعْمَش فَقَالَ: مَا تَقول فِي الصَّلَاة خلف الحائك؟ قَالَ: لَا بَأْس بهَا على غير وضوء. قَالَ: فَمَا تَقول فِي شَهَادَته؟ قَالَ: تقبل شَهَادَته مَعَ شَاهِدين عَدْلَيْنِ. فَقَالَ الحائك: فَهَذَا وَلَا شَيْء وَاحِد. تنبّى حائك بِالْكُوفَةِ، فَقَالُوا: مَا رَأينَا نبيّاً حائكاً. فَقَالَ: وَهل رَأَيْتُمْ نبيّاً صيرفيّاً؟ . وَقيل لحائك: لَو كنت خَليفَة أَي شَيْء كنت تشْتَهي؟ قَالَ: تمر وَكسب. قيل لِابْنِهِ: وَلَو كنت ابْن خَليفَة مَا كنت تشْتَهي؟ فَقَالَ: وَهل ترك هَذَا من اللَّذَّات شَيْئا حَتَّى أشتهيه؟ ارْتَفع رجل كَانَ فِي الأَصْل حائكاً حَتَّى ولي ولَايَة، فَقَالَ لَهُ يَوْمًا مغنّ لَهُ - وَقد كَانَ قرُب الْعِيد -: هَب لي أَيهَا الْأَمِير عِمَامَة أتعمم بهَا يَوْم الْعِيد. فَقَالَ لَهُ: هَات الْغَزل حَتَّى أرد عَلَيْك الْعِمَامَة قبل الْعِيد بِثَلَاثَة أَيَّام. رُوِيَ عَن مُجَاهِد فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: " واتّبعك الأرذلون ". قَالَ: الحاكة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute