من الْبَاب، وَكَانَ مِمَّن امتحن بنكبة بعد نعْمَة، فَقَالَ: أَطْعمُونِي من فضل مَا رزقكم الله. فَقَامَتْ الْمَرْأَة وغرفت لَهُ من الْقدر، وَأخذت رغيفين لتنَاوله. فَلَمَّا رأى الزَّوْج ذَلِك حلف عَلَيْهَا ألاّ تدفع إِلَيْهِ شَيْئا، وَمضى السَّائِل خائباً حَزينًا، وَاسْتوْفى الرجل طَعَامه، وَصعد السَّطْح لبَعض حَوَائِجه فعثر بِشَيْء وانتكس، فَسقط فِي الأَرْض، ووقص وَمَات. وحازت الْمَرْأَة مِيرَاثه وتصرفت فِيهِ، وفرقّت شَيْئا من أَسبَابه الرثّة فِي الْمَسَاكِين، فَكَانَ فِي جُمْلَتهَا مضرّبة خلقَة وَقعت إِلَى هَذَا الرجل السَّائِل ففتّها ليغسلها ويجعلها قَمِيصًا يلْبسهُ، فَوجدَ فِيهَا ألف دِينَار، فَأَخذهَا وغيّر بهَا حَاله. وَضرب الدَّهْر، وَأَتَتْ على ذَلِك الْأَيَّام، فَطلب امْرَأَة يَتَزَوَّجهَا. فَقَالَت لَهُ بعض الدلاّلات: هَاهُنَا امْرَأَة صَالِحَة قد ورثت، فَمَا تَقول فِي مواصلنها؟ فأنعم لَهَا. فسعت الدّلَالَة بَينهمَا حَتَّى اتفقَا واجتمعا، فَلَمَّا دخل بهَا تحدثا ذَات يَوْم فَقَالَت الْمَرْأَة: فَاعْلَم أَن هَذِه الدَّار الَّتِي وقفت عَلَيْهَا، وَأَنا تِلْكَ الْمَرْأَة، وَأَن زَوجي صعد فِي ذَلِك الْيَوْم السَّطْح فَسقط وَمَات. وَقد أورثك الله مَاله ومسكنه وَزَوجته، فَسجدَ الرجل شكرا، وحدّث إخوانه تعجّباً. قَالَ بعض تجار الْبَحْر: حملنَا مرّة مَتَاعا إِلَى الصين من الأبلة - وَكَانَ قد اجْتمع ركب فِيهِ عشر سفن، قَالَ: وَمن رسمنا إِذا توجهنا فِي مثل هَذَا الْوَجْه أَن نَأْخُذ قوما ضعفاء، ونأخذ بضائع قوم - فَبينا أَنا قد أصلحت مَا أُرِيد إِذْ وقف عليّ شيخ، فسلّم، فَرددت، فَقَالَ: لي حَاجَة قد سَأَلتهَا غَيْرك من التُّجَّار فَلم يقضها. قلت: فَمَا هِيَ؟ قَالَ: اضمن لي قضاءها حَتَّى أَقُول. فضمنت، فأحضرني رصاصةً فِيهَا نَحْو من مائَة منّا، وَقَالَ لي: تَأمر بِحمْل هَذِه الرصاصة مَعَك، فَإِذا صرتم فِي لجّة كَذَا فاطرحها فِي الْبَحْر. فَقلت: يَا هَذَا، لَيْسَ هَذَا مِمَّا أَفعلهُ. قَالَ: فقد ضمنت لي. وَمَا زَالَ بِي حَتَّى قبلته، وكتبته فِي رزنامجي. فَلَمَّا صرنا فِي ذَلِك الْموضع عصفت علينا ريح فنسينا أَنْفُسنَا وَمَا مَعنا، ونسيت الرصاصة، ثمَّ خرجنَا من اللجة وسرنا حَتَّى بلغنَا موضعا، فَبِعْت مَا صحبني. وَحضر بِي رجل فَقَالَ لي: أَمَعَك رصاص؟ فَقلت لَيْسَ معي رصاص، فَقَالَ لي غُلَام: مَعنا رصاص. قلت: لم أحمل رصاصاً معي. قَالَ: بلَى، الشَّيْخ سلّم إِلَيْك، فَذكرت فَقلت: خالفناه وبلغنا هَاهُنَا وَمَا عليّ أَن أبيعه، فَإِن ذَلِك فِيهِ مَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute