للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسمع رجلا يغتاب آخر عِنْد ابْنه الْحسن عَلَيْهِ السَّلَام، فَقَالَ: يَا بني نزه سَمعك عَنهُ؛ فَإِنَّهُ نظر إِلَى أَخبث مَا فِي وعائه فأفرغه فِي وعائك. وَقَالَ: أول عوض الْحَلِيم عَن حلمه أَن النَّاس أنصاره على الْجَاهِل. وَقَالَ: لَا تؤاخ الجاهلن فَإِنَّهُ يزين لَك فعله، وَيُحب لَو أَنَّك مثله، وَيحسن لَك أَسْوَأ خصاله، ومخرجه من عنْدك ومدخله عَلَيْك شينٌ وعارٌ؛ وَلَا الأحمق، فَإِنَّهُ يجْهد لَك نَفسه وَلَا ينفعك، ولربما أَرَادَ أَن ينفعك فضرك، فسكوته خيرٌ من نطقه، وَبعده خيرٌ من قربه، وَمَوته خيرٌ من حَيَاته؛ وَلَا الْكذَّاب؛ فَإِنَّهُ لَا ينفعك مَعَه عيشٌ، ينْقل حَدِيثك وينقل الحَدِيث إِلَيْك، حَتَّى إِنَّه ليحدث بِالصّدقِ وَلَا يصدق. لما كَانَ يَوْم الْجمل طَاف عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام على الْقَتْلَى فَبَصر بِعَبْد الله ابْن حَكِيم بن حزَام وَلَيْسَ لأبي غَيره، وبصر بِأبي سُفْيَان بن حويطب ابْن عبد الْعُزَّى وَلَيْسَ لِأَبِيهِ غَيره يَوْمئِذٍ، فَقَالَ: لقد اجْتمعت على قُرَيْش، حَتَّى هَذَانِ اللَّذَان لم يبْق من أجل كل وَاحِد مِنْهُمَا إِلَّا ظمء الدَّابَّة، ثمَّ أرسل إِلَى كل وَاحِد مِنْهُمَا ودمعت عَيناهُ، ثمَّ قَالَ أَهْون عَليّ بشكل الشَّيْخَيْنِ! وروى عَنهُ عَلَيْهِ السَّلَام ي قَوْله تَعَالَى: " فاصفح الصفح الْجَمِيل ". قَالَ: صفحٌ بِلَا عتابٍ. ومرّ بدارٍ فِي مُرَاد تبنى، فَوَقَعت شظية مِنْهَا على صلعته فأدمته، فَقَالَ: مَا يومي من مُرَاد بواجد. فَقَالَ رجل: لقد رَأَيْت تِلْكَ الدَّار بَين الدّور كالشاة الجمّاء بَين العنم ذَوَات الْقُرُون. وَرَأى عَلَيْهِ السَّلَام رجلا مَعَه ابْنة فَقَالَ: من هَذَا مَعَك؟ فَقَالَ: اابني - قَالَ: أَتُحِبُّهُ؟ قَالَ: إِي واله حبا شَدِيدا. فَقَالَ: لَا تفعل فَإِنَّهُ إِن عَاشَ كدك. وَإِن مَاتَ هدك. وَذكروا أَنه مر بِقوم من الْأَنْصَار، فَسلم عَلَيْهِم ووقف؛ فَقَالُوا: أَلا تنزل يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، فنطعمك الخريزة. فَقَالَ رَضِي الله عَنهُ: إِمَّا حلفتم علينا أَو انصرفنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>